208

Cinaya Tamma

العناية التامة في تحقيق مسألة الإمامة

Genre-genre

Ilmu Al-Quran

وأما الاستدلال على ذلك بتباين الأقطار وعدم إمكان الإحاطة بفضلائها عقيب موت الإمام الأول، ففيه تصريح بوجوب الإحاطة بفضلاء جميع الأقطار، ومعرفة الأفضل منهم، وهذا مما لا يعمل به أحد والصحيح خلافه، وهو يقرب من تكليف المحال، ولو كان شرطا لتطلب إمامة أكثر الأئمة فإنه لم يعلم في أحد منهم أنه لا أفضل منه في وقته في شيء من الأقطار، ويظهر ذلك ظهورا بينا في حق الأئمة الداعين باليمن فإنا نعلم أنه لم يتقدم دعوة أحدهم البحث في الشام، والعراق، والغرب، وسائر البلدان حتى حصل العلم بعدم الأفضل على أن أدلة وجوب نصب الإمام من فزع الصحابة عقيب موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقبل مواراته، وما يتوقف من الأحكام الواجبة على الإمام كاشتراطه في الجهاد يقضي بالتضيق، ويدل عليه كما يدل على أصل الوجوب، وعلى عدم الوسع مدة مديدة قدر مائة وخمسين سنة، تتعطل الحدود وينتكس فيها أعلام الجهاد، ويشتد عضد الكفر والعناد، فافهم قوله.

قلنا: ولأنه قد قام الدليل القاطع على وجوب النص على الأمة. يقال: هذا نفس المتنازع فيه الذي لا يقع المساعدة إليه، ولا التقرير عليه، ومثل هذا تعد مصادرة على المطلوب، ولا يقع التسليم لديه. قوله: وهو أشف الأدلة وأقواها، يقال: مع إيضاح عدم قطعيته وإتيانه على ما هو ظني محض وسنبينه فظهر ظنية ما عداه من الأدلة لأن ظنية الأقوى مستلزمة بظنية المفضول، في القوة استلزاما بينا على أنه سيتضح لك ما قدمناه من كون الدليل الأول أشف الأدلة وأقواها، بما نحققه من كون هذا الدليل أضعفها وأوهاها.

Halaman 215