Carais Bayan
عرائس البيان في حقائق القرآن
Genre-genre
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية ؛ فقال : «أن يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر» (1).
قال أبو يزيد : التقوى كل التقوى من إذا قال قال لله ، وإذا عمل عمل لله ، وإذا نوى نوى لله ، ويكون بالله ولله.
وقيل أيضا : من تورع عن جميع الشبهات.
وقال النصر آبادي : حق تقاته أن يتقي كل ما سواه.
وقال جعفر : التقوى ألا يرى في قلبك شيئا سواه.
وقال الواسطي : الأكوان كلها أقدار في ميدان الحق ، وميدان الحق لا يطؤه إلا من اتقى سواه ، قال الله تعالى : ( اتقوا الله حق تقاته ).
قوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) من حبل الله : الهداية والكفاية ، والرعاية والعبودية ، والمعرفة ، والمحبة ، والخدمة والأدب ، والحرمة والحشمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم والكتاب والسنة أوجب على الجهود والاعتصام بهذه الوثائق حتى وصلوا إليه ولا تفرقوا عنه ؛ لأن من رجع عنه إلى رأيه وتدبيره ، وعقله ومعاملته ومجاهدته ، وحيلته وفكرته واستدلاله فهو بمعزل عن ظل العناية ، وكنف الكفاية ، والاعتصام بالله ، وبحبل الله من باب المعرفة.
أرشد طائفة إلى نفسه بلا وسائط ، وأغرقهم في بحار وجوده حتى يلتجئوا من قعر بحر الذات إلى سفن الصفات لينقذهم من ظلمات النكرة بأنوار المعرفة ، وهذا حال خاص الخاص ، وأشهد طائفة على مراتب المقامات والحالات حتى وصلوا إليه بأنوار كراماته ، وألطاف نواله ، وهذا حال أهل الخاص ، والأمر بالاعتصام شفقة على عجز العارفين في معرفته ، وإدراك حقيقة عظمته ، وفي مشهد التوحيد الاعتصام للمحبين جهل بعلم القدم ، وللعارفين مكر وحجاب برسوم المعرفة عن حقائق الأسرار ، وللموحدين كفر ؛ لأن حق التوحيد حالان ، حمود السر عن الإرادة عند إرادات الحق ، وفناء الموحد عن الموحد في رؤية الموحد ؛ لأن من التفت عنه بعد شهوده من القدم إلى رسم الربوبية والعبودية ، فهو مشرك في حقيقة ، لهذا من غرائب شطحياتي.
وأيضا : عرفهم مفر الأرواح ، وهو محل الكواشف والمعارف لكي ينطقوا عن المخاصمة في الأخوة ؛ لأن من بلغ محل مشاهدة الحق بنعت رؤية الوحدانية أسقط الواسطات
Halaman 189