178

Carais Bayan

عرائس البيان في حقائق القرآن

Genre-genre

ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (104) ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105))

قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) حق التقوى الفناء تحت سلطان الهيبة والتحير بنعت الحياء في مقام المعرفة ، وذوبان القلب في رؤية العظمة من سطوة جلال المشاهدة.

وأيضا حق التقوى : صون المعهود وحفظ الحدود والخمود تحت جريان القضاء بنعت الرضا.

وأيضا حق التقوى : ترك الأكوان والحدثان لمشاهدة الرحمن ، وأيضا نية الأصفياء بركضة تعريفه حقيقة عين القدم بهم ؛ ليعرفوا حق الربوبية بأداء حقيقة المعبودية ، وألزمهم الاستقامة عليها ، أي : اعرفوني بحق المعرفة ، ولا تأتوني إلا بشرط الاستقامة ، أي : لا يصادقكم الوفاة إلا وأنت بشرط الوفاء وهو معنى قوله : ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ).

وقال سهل : أمروا أن يعبدوه بالتوكل عليه ، والتفويض إليه ، أي : لا يعرجون في الدارين على من سواه.

قال الشيخ أبو عبد الرحمن : ( حق تقاته ) تلف النفس في مواجبه.

وقال القاسم : بذل المجهود ، واستعمال الطاعة ، وترك الرجوع إلى الراحة ، ولا سبيل إليه ؛ لأن أوابل طرف الوصول التلف.

وقال الواسطي : هو إتلاف النفس في مواجبه.

وقال ابن عطاء : ( حق تقاته ) هو صدق قول لا إله إلا الله ، وليس في قلبك شيء سواه.

وقال بعضهم : إرادته أن يعرفنا مواضع فضله فيما رغمنا فيه من استعمال مواجبه ؛ لأن واجب الحق لا يتناهى ، والعمل لا يتناهى.

وأيضا قال ابن عطاء : حقيقة التقوى في الظاهر محافظة الحدود ، وباطنه النية والإخلاص (1).

Halaman 188