Carab Hadha Zaman: Watan Bila Sahib
عرب هذا الزمان: وطن بلا صاحب
Genre-genre
كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا (التوبة: 69).
والثالث وعي غائم:
بأننا هزمنا دون معرفة بالظروف والأسباب والعوامل والنتائج. وعي يأتي من وراء السحب أو من الماضي البعيد مثل استيلاء التتار على بغداد، والصليبيين على القدس، وسقوط غرناطة. لا يمسه في شيء، ولا يؤثر عليه، ولا يتفاعل معه؛ فالتاريخ مصير، والماضي انقضى، والحاضر أبلغ وأوضح وأكثر إشراقا. وغياب الوعي التاريخي هو سبب غياب الوعي السياسي. لا تطلب الهزيمة موقفا، ولا يحدد لفظ «انهزمنا» من الذي انهزم. وعي جماعي غامض، وهوية فارغة، واستسلام للأقدار، ونقص في الحمية والرجولة. ولم يسمع خطاب عبد الناصر في الأزهر يوم العدوان: «سنقاتل.»
والرابع انهزمت مصر:
فالحرب حرب مصر، الشقيقة الكبرى في الذهن وفي الوجدان، لكنه غير متضامن معها في حروبها منذ 1948م حتى 1973م. مصر هو الغريب، المغاير وربما المخالف. هي التي ما زالت تتمسك بمسئوليتها وتتحمل عبء العرب، ولكنها في عالم، وهو في عالم آخر. لا يتماهى معها، له عالمه الخاص المباشر الواقعي، وهي لها عالمها الخاص المثالي. مصر هي البلد الغريب، والتي تطالب العرب بالتضامن والتضحية، وهو يريد راحة البال دون أن يعكر عليه صفو أحد.
والخامس انهزم عبد الناصر:
فله الفضل في أنه ما زال يتذكر الاسم، ولكن الحرب حربه، والنضال نضاله، والمعركة معركته. لا يعلم أن عبد الناصر كان يجسد روح أمة، ويناضل باسم شعب، ويحارب من أجل الحرية والاستقلال. يوحد بين الزعيم والوطن، بين القائد والجيش، بين الخليفة والخلافة، بين الرئيس والدولة، كما يشاهد في واقعه السياسي وثقافته الإعلامية. هي إذن قضية فردية شخصية، وليست صراعا تاريخيا بين قوى التحرر وقوى الاستعمار. وفي حالات أخرى ربما لم يسمع جيل بالاسم. سألني أحد أحفادي مرة: يتكلمون في المدرسة عن عبد الناصر. من هو، هل كان حاكما لمصر؟ اسم بلا مسمى، لفظ بلا مضمون، صورة بلا قضية.
والسادس احتلال الأراضي العربية:
وهو أقصى ما يستطيع الوعي التاريخي إحضاره. وما زالت الإجابة بها نوع من حضور الوعي التاريخي الوحدوي، وهو الاحتلال والأراضي العربية. وهو أقصى ما يصل إليه من وعي سياسي، دون ذكر للمقاومة، أو لطول فترة الاحتلال، أو لمخاطر السلام، أو لكامب ديفيد، أو للاعتراف والصلح والمفاوضة، أو اللاءات الثلاث، أو أي شيء عن المستقبل والمصير.
وعلى النقيض من تغييب التاريخ يحضر لدى العدو الإسرائيلي الوعي التاريخي في أشد صياغاته العنصرية والعدوانية؛ فقد كان الإسرائيلي عندما يقابل إسرائيليا منذ هدم المعبد (العام القادم في أورشليم) تقوم بالحفريات في القدس وأسفل المسجد الأقصى لإثبات وجود المعبد؛ ومن ثم ضرورة إعادة بناء ما انهدم بعد هدم ما انبنى على الأنقاض. وتكثر الدراسات والبحوث التاريخية حول الشعب الأول الذي سكن في فلسطين، وهم اليهود وليسوا الفلسطينيين في أرض كنعان. والاحتلال العربي للقدس مثل الاحتلال الصليبي والروماني والفارسي والبابلي. للعدو رؤية مستقبلية؛ فالوعي التاريخي ليس وعيا بالماضي فحسب، بل هو أيضا وعي بالحاضر وبالمستقبل، إسرائيل من الفرات إلى النيل، من مصر إلى العراق، بل وشبه الجزيرة العربية؛ فقد كان اليهود في مكة والمدينة واليمن، والتي يعيش فيها اليمنيون في المقابل وقت «الساعة السليمانية».
Halaman tidak diketahui