نحن في طفولتنا يغمرنا عجز ونقص كلاهما يعين لنا طرازا من السلوك يلازمنا طوال حياتنا، كما يعين أهدافا نتجه إليها بنشاطنا. (2)
إذا كانت هذه الأهداف التي تكونت لنا في الطفولة بعيدة التحقيق، فإننا نشقى بها طوال حياتنا؛ لأننا لن نحققها. (3)
وواضح أن الهدف وطراز السلوك يتكونان - مدة الطفولة على سبيل التعويض - من نقص الطفولة وعجزها قبل اكتمال القوى العقلية الناقدة؛ ولذلك يرسخان ويشق التخلص منهما. (4)
إذا كان هذا الهدف وهذا الطراز للسلوك مخالفين لقواعد المجتمع فإننا نشقى بهما. (5)
يحدث أحيانا أننا ننقح الهدف أو الطراز، ولكن من الشاق جدا التخلص منهما؛ لأن جميع عواطفنا معبأة لخدمتهما. (6)
مجموع الوسائل التي نتخذها في تحقيق الهدف والطراز يكون شخصيتنا. (7)
كل إنسان ينشد السعادة يحتاج إلى المجتمع، فيجب أن تكون حياته اجتماعية. (8)
كي نأتلف مع المجتمع ونسعد به يجب أن نحل ثلاث مشكلات هي: المشكلة الجنسية بالحب والزواج والعائلة، والمشكلة الاجتماعية بالاتصال بالمجتمع والاهتمام بشئونه وخدمته وترقيته، والمشكلة الحرفية التي نكسب منها عيشنا «وقد زدنا نحن هنا مشكلة الفراغ». (9)
السعادة هي أن يكون الإنسان كاملا (وقد يصح التنقيح هنا بأن نقول: إن السعادة ليست الكمال، ولكنها محاولة الكمال).
وليس المعنى من كل ما ذكرنا أننا لن نشقى إذا اتبعنا هذه القواعد، وإنما نعني أننا نكون أقرب إلى السعادة إذا اتبعناها، وفي هذه الدنيا شقاء لا يستطاع استبعاده بأية قواعد، كالأم تفقد ابنها، أو أي إنسان تقع به حادثة تحرمه من أعضاء ثمينة، أو المعيشة في مجتمع فاسد يؤمن بعقائد سيئة أو يخضع لسلطان فاجر أو نحو ذلك، فنحن هنا نشقى، ولكن هذا الشقاء يخف إذا تلقيناه بالوجدان، ويثقل إذا تلقيناه بالعاطفة، وقد نستطيع معالجته وإصلاحه في الحال الأولى، أما في الحال الثانية فلا علاج، ثم ماذا نقول في عامل يعول نفسه وزوجته وأولاده ثم تزدحم السوق بالبضائع فيقفل المصنع ويطرد عماله أو بعضهم؟ فيجد هذا العامل نفسه عاطلا عاجزا عن شراء القوت، هل نوهمه بالسعادة وهو في أشقى الشقاء؟
Halaman tidak diketahui