وقد قلنا إن القياس الخفي على وجهين: قياس شبه وقياس الاستحسان. اعلم أن الناس قد اختلفوا في قياس الشبه، فقال بعضهم لا يجوز، ولا يجوز القياس إلا عن علة. وقال بعضهم: جائز وإن لم تكن علة. وقال بعضهم: إن جميع القياس المعمول به هو قياس الشبه؛ لأن قياس العلل الشرعية قاصرة لا تكاد تطرد وتنعكس كالعقليات. واعلم أن قياس الشبه إذا كان الشيء يشبه شيئا من أصل وشبه غيره من أصل آخر. فهذا قياس الشبه.
فينظر عند ذلك إلى أي الشيئين أكثر شبها به فتلحقه/ به ولو لم تجمعهما علة. فإن تساويا فهو نفس الاستحسان. مثال ذلك العبد. هو من جهة مال يباع ويشترى، ومن جهة أنه مكلف مأمور منهي فهو بخلاف الأموال. فمن جعله مالا قصر جميع ما يملكه على سيده وأسقط عنه جميع ما يلتزمه من أحكام الأموال والنفقات والكفارات والزكاة. ومن جعله بحكم المكلفين أثبت له الأموال وأثبت عليه الزكوات والغرامات. فبهذا السبب اختلفوا في قيمته. فمن رده إلى أحكام المكلفين قصر قيمته إلى دية الحر، ومن جعله مالا وسلعة جاوز به الدية وكانت قيمته بالغة ما بلغت.
Halaman 346