Kebijaksanaan Siddiq
عبقرية الصديق
Genre-genre
وقد جرى الصديق في سياسة الدولة على سنة النبي عليه السلام من مشاورة ذوي الرأي والثقة في كل ما جل أو دعا إلى السؤال، ولكنه كان يستقل بالرأي حين تكون التبعة فيه تبعته دون غيره، كما استقل بالرأي في اختيار الخليفة من بعده، واستقام له بعد المشاورة والروية أن يعهد بالخلافة إلى عمر بن الخطاب.
فخلاصة ما يقال في سياسة الصديق للدولة الإسلامية على عهده أنها كانت سياسة المقتدي المقتدر الفعال الذي يصغي إلى النصح ممن يرون التصرف والتمييز والابتداء، ولم يكن قط مقتديا على ضعف وتواكل وإلقاء بالتبعة على غيره، بل ربما اقتدى ليعمل ما هو أصعب وأعضل وأنهض بالتبعة من أعمال المتصرفين.
وإذا حسبت لأبي بكر بعوث أسامة، وبعوث الردة، وبعوث فارس والروم، فلا بد أن يحسب له عمل آخر لا يدخل في باب البعوث، ولكنه أقوم للدولة الإسلامية من جميع هذه البعوث؛ لأنه دستور هذه الأمة التي لم تقم لها قائمة بغيره، وهو جمع القرآن.
وقد كانت سنته في جمع القرآن سنته الواضحة التي لا محيد عنها: وهي سنة الاقتداء والإصغاء إلى القويم من الآراء. فلما مات من مات من حفاظ القرآن في حروب الردة وخيف على من بقي منهم أن تأتي عليهم حروب فارس والروم كبر الأمر على عمر فأشار على الخليفة بجمع القرآن. فأحجم بادئ الرأي، وهو يقول: كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله؟ ثم انشرح صدره لما أشار به عمر فتجرد له بجميع عزمه؛ وانقضت خلافته على القول الأشهر، والقرآن مجموع مفروغ من كتابته في المصاحف كما نقرؤه الآن.
وكانت الدولة الإسلامية بهذه المثابة أمانة أعظم بها من أمانة تنوء بها كواهل الرجال. يقول من شاء ما شاء في دراسة هذه الفترة الخالدة، إلا شيئا واحدا لا يقوله عارف بما يقول، وهو أن أحدا كان يتلقى تلك الأمانة خيرا من تلقيه أو يسلمها خيرا من إسلامه، منذ أن تلقاها بيد من النبي عليه السلام حتى أسلمها بيد إلى عمر بن الخطاب.
الفصل الثامن
الصديق والحكومة العصرية
قلنا في الفصل السابق عن الصديق والدولة الإسلامية: إن الحاجة لم تدع في عهده إلى نظام غير النظام الذي سنه النبي عليه السلام لسياسة الجزيرة العربية، وإنه رضي الله عنه قد توفي ولما تستقر الأمور في البلاد المفتوحة على حال تدعو إلى اتباع نظام شامل لكل قطر من أقطار الدولة الإسلامية.
إلا أن الصديق كان أول خليفة قام بالحكم الإسلامي بعد عهد النبوة فمن الطبيعي أن نسأل عن نوع الحكم الذي توصف به حكومته وحكومة الخلفاء من بعده، وأن نعرف وجه المشابهة بين تلك الحكومة وحكومات العصر التي قامت على المبادئ الدستورية الحديثة.
فأي حكومة هي حكومة الصديق أو حكومة الإسلام في عهده؟ وأي العناوين هو أقرب إليها من عناوين الحكم في هذا العصر الحديث؟
Halaman tidak diketahui