Kebijaksanaan Siddiq
عبقرية الصديق
Genre-genre
ومنهم من كان يرى أن يتقدم للقيادة من هو أسن منه وأخبر بفنون القتال، ومنهم عمر بن الخطاب.
أما أبو بكر فقد رأى العصمة - حق العصمة - في رأي واحد لا رأي قبله ولا بعده، وهو الطاعة في غير لي ولا هوادة ولا إبطاء، ولو لم يكن التمرد هو الآفة المحذورة في تلك الآونة لقد كان غير ذلك الرأي أصوب، ولكنه كان آفتها التي لا آفة مثلها، ثم لا خطر إن سلمت الدولة من شرها، فلتكن الطاعة إذن هي الصواب، وهي الملاذ.
وقد ضرب المثل الأول في الطاعة التي أرادها. فشيع البعثة وهو ماش على قدميه وعبد الرحمن بن عوف يقود دابته بجواره. فقال أسامة: يا خليفة رسول الله. والله لتركبن أو لأنزلن. فقال: والله لا تنزل، ووالله لا أركب. وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة.
ثم استأذن أسامة قائلا: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل، فعاد عمر بإذنه: بإذن القائد الذي هو في مقام الطاعة هناك، حتى على الخليفة وعلى أكبر الصحابة من بعده.
ثم قال لأسامة: اصنع ما أمرك به رسول الله
صلى الله عليه وسلم ... ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله.
أفكان المؤرخون المحدثون على صواب في أمر هذه البعثة حين قالوا: إنها من النوافل بعد مقتل القاتل لزيد أبي أسامة؟
إنهم لعلى خطأ في كل تقدير قدروه ولو جاريناهم فحصرنا أغراض البعثة في ذلك الغرض الوحيد؛ لأن مقتل قائد في معركة ليس بالجريمة الفردية التي يعاقب عليها القاتل وحده، وإنما المسألة هنا مسألة الجيش كله، وهيبة الأمة التي أرسلت ذلك الجيش وتمثلت فيه بقوتها ومناعة حوزتها، فإن لم يقع في روع الأعداء المقاتلين أن ذلك الجيش قوة تهاب وتنال حقها من الثأر فقد بطل الغرض كله من القتال.
وفي هذه البعثة بعينها، ماذا كان يحدث لو أن قبائل غسان وقضاعة استضعفت شأن المسلمين وفي أيديها الطريق بين بلاد العرب وبلاد الروم؟
كل شيء جائز أن يكون.
Halaman tidak diketahui