Abdul Nasser dan Kiri Mesir
عبد الناصر واليسار المصري
Genre-genre
هذا الأسلوب يذكرني بما تلجأ إليه الدعاية الصهيونية حين تخيف كل من ينتقد تصرفات إسرائيل، بأنه يردد ما كان يقوله هتلر عن اليهود، وهو أسلوب نجح فعلا في تخويف نقاد إسرائيل في العالم الغربي حتى اليوم، أما العرب فيردون على هذا الإرهاب بقولهم إن صدور نقد لليهود من طاغية مثل هتلر لا يعني سكوت العالم عن انتقاد إسرائيل، ما دام سجلها حافلا بالجرائم.
لذلك أود أن أقول بهدوء تام للأستاذ عودة، ولكل من استخدم ضدي هذا الأسلوب، إن مثل هذا الإرهاب الفكري لا يخيفني، وإنني لن أرغم نفسي على السكوت عن باطل لمجرد أن اليمين يردده لأغراض أخرى مضادة تماما لأغراضي، وإنني كنت أنبه إلى هذا الباطل قبل أن تهبط على اليمين، في أيامنا هذه، الشجاعة المفاجئة التي جعلته يتشدق به، وإن المنطق السليم يفرق تماما بين النقد ، من حيث مضمونه الفعلي، وبين المصدر الذي يأتي منه هذا النقد.
على أن الأستاذ عودة لا يقف عند هذا الحد، بل يكاد يجعلني جزءا من مؤامرة يمينية هدفها التنكيل باليسار، ويؤكد أن الوقت الذي اخترته لكتابة مقالاتي يخدم في النهاية أهداف اليمين، ولو كان قد فهم مقالاتي جيدا، لأدرك أنه لا شيء يضر بقضية اليمين، في هذه الأيام بالذات، أكثر من أن ينتزع منه ذلك السلاح الذي أعترف آسفا بأن اليمين قد استخدمه ببراعة، وهو استغلال أوجاع الشعب المترتبة على التجربة السابقة من أجل كسب أرض جديدة لنفسه، وليس هناك وقت أنسب من الوقت الحالي لتنبيه اليسار إلى هذه الحقيقة قبل فوات الأوان، وإن كنت أعترف بأن الردود التي قرأتها تجعلني أميل إلى التشاؤم من قدرة اليسار على الخروج عن جموده القديم.
وقرب نهاية مقال الأستاذ عودة، يلمح تلميحا غريبا إلى أن انتقادي للتجربة الناصرية يستهدف إعادة الديموقراطية الرأسمالية، وهو اتهام لا يليق توجيهه لأستاذ كتب ضد الرأسمالية بصراحة في كتاب رسمي ظل مقررا على طلبة الجامعات المصرية كلها، في المادة القومية لمدة سنوات عديدة (وهو كتاب «الجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية») وأسهم بذلك في فضح الرأسمالية أمام عقول الشباب المصري الجامعي بأكثر ما أسهم به نقادي مجتمعين.
لقد ساير الأستاذ محمد عودة زميله أبو سيف يوسف في الكلام عن التناقض المزعوم بين ما كتبته في عام 1970م وما كتبته في 1975م، وأخذ أقواله، بكل ما فيها من أخطاء، دون أي تحقيق أو تدقيق، بل إنه أضاف إلى ذلك جملة أخيرة اختلقها اختلاقا، ولم أجد في كل ما كتبت عن هذا الموضوع. فأرجو إذا كان صادقا، أن يحدد لي المقال والصفحة اللذين ظهرت فيهما تلك الجملة المنسوبة إلي، كما أرجو أن يطمئن إلى أنه لو طال العمر به وبي حتى عام 1995م فلن يجد تغييرا في مواقفي الأساسية، وكل أملي هو أن يتمكن من أن يقول عن نفسه شيئا مماثلا.
مشكلات أثارها الحوار
ولا أود أن أكتفي، في مناقشة الردود التي وجهت إلى مقالاتي، بالملاحظات التفصيلية التي طرحتها بل إن من المفيد لصالح هذا الحوار بأكمله، أن أناقش الاتجاهات العامة التي كشفت عنها ردود النقاد، والمشكلات التي أثيرت فيها.
ومن الممكن تصنيف هذه المشكلات إلى فئات ثلاث: الأولى تتعلق بنطاق دراستي السابقة والهدف منها، والثانية بالمنهج الذي اتبعته فيها، والثالثة بمضمون هذه الدراسة.
الثورة ... غير التجربة
ولأبدأ أولا بنطاق الدراسة وهدفها، فقد تصور بعض النقاد أن دراستي منصبة على تقييم حكم عبد الناصر، أو أنني أقوم بمحاكمته، وعلى الرغم من أن جزءا كبيرا من دراستي هو بالفعل تقييم، فإن هذا التقييم لم يكن مقصودا لذاته، بل إن الهدف الحقيقي هو القيام ببحث نقدي للعلاقة بين اليسار والتجربة الناصرية، وقد قمت بهذا البحث، لا من أجل تقديم سرد تاريخي مفصل لهذه العلاقة، بل بهدف تقديم رأي مخلص إلى اليسار، أبين فيه أن النكسة التي تعانيها الاشتراكية في الوقت الراهن لا ترجع إلى ضراوة هجمات اليمين ورغبته في استعادة نفوذه فحسب، بل ترجع أيضا إلى أخطاء سابقة لليسار، هذا هو الهدف الأصلي، وكل ما عدا ذلك وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
Halaman tidak diketahui