(قال الفقيه) رحمه الله: اعلم أن السنة اثنا عشر شهرا أولها محرم وإنما سمي محرما لأن القتال فيه كان محرما فيما بينهم في الجاهلية. ثم صفر وإنما سموه صفرا لأن الناس قد أصابهم المرض فاصفرت وجوههم فسموه صفرا لصفرة الوجوه فيه، ويقال سمي صفرا لأن إبليس صفر بجنوده حين خرج محرم وحل لهم القتال. ثم شهر ربيع الأول لأنه صادف أول الخريف فسمي الربيع الأول. ثم شهر ربيع الآخر لأنه صادف الخريف فسموه باسم الربيع. ثم جمادى الأولى. ثم جمادى الأخرى، وإنما سميا بذلك لأنهما صادفا أيام الشتاء حين اشتد البرد وجمد الماء. ثم رجب وإنما سموه رجبا لأن العرب كانت ترجبه. أي تعظمه، وكانوا يسمونه أصم لأنهم كانوا لا يسمعون فيه صوت الحرب. ثم شعبان وإنما سمي شعبان لأن قبائل العرب كانت تتشعب فيه أي تتفرق فيه، ويقال إنما سمي شعبان لأنه يتشعب فيه خير كثير لرمضان. ثم شهر رمضان ويقال إنما سموه رمضان لأنه صادف أيام الحر والرمضاء الحر الشديد ويقال إنما سمي رمضان لأنه ترمض فيه الذنوب. ثم شوال إنما سموه شوال لأن قبائل العرب كانت تشول فيه: أي تبرح عن موضعها، ويقال: إنما سموه شوال لأنهم كانوا يصيدون فيه من قولك أشليت الكلب إذا أرسلته لصيد. ثم ذو القعدة وإنما سموه ذا القعدة لأنهم كانوا يقعدون فيه عن الحرب. ثم ذو الحجة لأنهم كانوا يحجون فيه . فهذه أسامي الشهور العربية بالشهور القمرية التي يعرف حسابها بدوران القمر، وهو حساب المسلمين لآجالهم وعباداتهم وأسماء الشهور الشمسية التي يعرف أسماؤها بدوران الشمس بحساب الرومية بلسان السريانية ويجعلون ابتداءها من أيام المهرجان. فأول الشهور تشرين الأول. ثم تشرين الثاني. ثم كانون الأول. ثم كانون الثاني. ثم شباط ثم آذار. ثم نيسان. ثم أيار ثم حزيران. ثم تموز، ثم آب. ثم أيلول. وأسماؤها بالفارسية ابتدؤها من نيروز أولها فروردين. ثم أرد بهشت، ثم خرداد. ثم يبر. ثم مرددا. ثم شهر بود. ثم مهر. ثم أبان. ثم خمسة أيام لا تعد من أيام السنة يقال لها الأيام المسروقة بينهم ثم أدر. ثم دي. ثم بهن. ثم اسفندار مديور. فكلما مضى من شهر من شهور الفارسية عشرة أيام دخل شهر من الشهور الرومية، وكل سنة يتأخر النيروز بيوم واحد من أيام الجمعة، فإن كان النيروز في هذه السنة يوم الخميس يكون في السنة القابلة يوم الجمعة، وفي السنة الثالثة يوم السبت، وما كان من شهور العربية ينقص في كل سنة عشرة أيام وربنا تنقص أحد عشر يوما فستة منها ينقصان الشهور والأربعة هي الأيام المسروقة. واليوم والليلة أربع وعشرون ساعة لا يزاد عليها ولا ينقص منها، وكلما انتقص من الليل ازداد في النهار، وكلما انتقص من النهار ازداد في الليل، وأطول ما يكون النهار في نصف حزيران فيكون النهار خمس عشرة ساعة والليل تسع ساعات وهو أقصر ما يكون في الليل، ثم يأخذ النهار في النقصان ويزاد في الليل حتى إذا كان أيام المهرجان استوى الليل والنهار فيصير كل واحد منهما اثنتي عشرة ساعة، حتى إذا كان بعد سبعة عشر يوما من كانون الأول صار الليل خمس عشرة ساعة وهو أطول ما يكون والنهار تسع ساعات وذلك أقصر ما يكون، ثم يأخذ الليل في النقصان حتى إذا كان قبل النيروز بسبعة عشر يوما أو أقل استوى الليل والنهار، ثم يزداد إلى النصف من حزيران فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} وقوله تعالى: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} والله سبحانه وتعالى أعلم.
الباب السادس عشر بعد المائة: في صفة طبائع الإنسان
Halaman 394