أضف إلى ذلك أن الإفراط في هذه الأمور، شر بالنسبة إلى المفرط، لكنها خير لمن يجعلها تجارة وموردا لكسبه، وكذلك المرض شر للمريض، لكنه خير للأطباء.
والموت شر لمن يدركهم، خير للحانوتي، وحفار القبور. (4)
كذلك فلاحة الأرض التي تنتج محصولا طيبا، فهي خير لمن يفلحون الأرض، شر على التجار، وكذلك السفن التجارية إذا أصابها عطب، أو تحطمت، فذلك شر لأصحاب تلك السفن ومالكيها لكنه خير لبناة السفن. (5)
أضف إلى ذلك الآلات إذا تآكلت أو انثلمت أو انكسرت، فهو خير للحداد، لكنه شر عند سائر الناس، وإذا تحطمت قدر، فلا شك أن ذلك خير لصانع القدور لكنه شر لسائر الناس، وإذا بليت الأحذية أو تمزقت، فإن ذلك خير للإسكاف، لكنه شر لسائر الناس. (6)
خذ مثلا آخر، مختلف المباريات، رياضية أو موسيقية، أو حربية؛ ففي حلبة السباق - مثلا - يكون السبق خيرا للسابقين، لكنه شر لمن خسروا السباق. (7)
يصدق الشيء نفسه على المصارعين والملاكمين، وكذلك الأمر في جميع المباريات الموسيقية؛ كالعزف على القيثارة - مثلا - فهنا يكون الأمر خيرا للكاسب، شرا للخاسر. (8)
في الحرب بين أهل إسبرطة وأهل أثينا، كان النصر الذي ظفر به الإسبرطيون خيرا لهم، شرا لأهل أثينا وحلفائهم. وفي الحرب بين الأثينيين والميديين، كان نصر الأولين خيرا لهم، كما كان شرا على أولئك البرابرة. (9)
كان الاستيلاء على «اليوم» خيرا للآخيين شرا للطرواديين ، ويصدق هذا أيضا على الكوارث التي حلت بأهل طيبة وأرجيف. (10)
ثم ما هو أكثر من ذلك، وأعني المعركة التي دارت بين الآلهة والمردة (جمع مارد)، فلقد كانت خيرا للآلهة شرا للمردة. (11)
لكن هناك حاجة أخرى تقول إن الخير شيء والشر شيء آخر، فكما أن هذين اللفظين اسمان مختلفان، فكذلك يختلف الشيئان المسميان بهما، وإني لآخذ بهذا التمييز، إلا أنني أرى أن اللبس يظل قائما، فأي الأشياء هو الخير، وأيهما هو الشر؟ وذلك إذا ما جعلنا الاسمين يشيران إلى مسمى واحد، وإذا لم يختلف أحدهما عن الآخر. الواقع أن زعما كهذا إنما يخرج بنا على المألوف. (12)
Halaman tidak diketahui