نعم إن العلماء المنتمين إلى الدين عوض أن يربوا النفوس الجموحة ويغرسوا فيها محبة الدين القويم والفضائل والكمالات والعمل بها فقد بدلوا وغيروا فيما تلقوه عمن سبقهم وحكموا أهواءهم وشهواتهم ولم يقوموا بواجبهم المنوط بعهدتهم نحوالأمة المعذبة من الدعاية والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح الخالص لله وفي الله فطعنوا الدين في صميم فؤاده بخنجر الجمود والتحذلق والتنطع فصاروا عالة على المجتمع ورمزا على الركود والاستكانة واليأس فملتهم الناس واسثقلتهم فظنوا أن الدين هوما يصفونه بألسنتهم فنبذوه نبذ النواة وألقوا به عرض الحائط واتبعوا السبل فحق العذاب على الجميع وأتى أمر لا مرد له فأصبحنا بعد عزنا وأنفتنا أذلاء في ديارنا غرباء في أوطاننا نئن ونبكي ولا راحم هناك ونستغيث ولا مغيث وهكذا أراد الله بالأمة الإسلامية الشقاء والتعاسة .
وللملوك أيضا وذوي النفوذ والسيطرة أياد أثيمة في انهيار مجد الإسلام الضخم وعظمته الهائلة فإن الجناة المستبدين استبدلوا آخرتهم بدنياهم ورضوا بالخلاعة والتلذذ بأنواع الملاهي والفجور حتى نسوا واجبهم الذي خلقوا لأجله فأسندوا حقوقهم إلى رعاة ذوي مطامع وغايات فاسدة فأهلكوا الحرث والنسل وجعلوا النفوس الحرة جسرا لأغراض دنيئة يريدونها،فكأنهم رأوا أن سعادتهم لا تتم إلا بشقاء الأمة المنكوبة وخرابها،وكأنهم ملوا حياة العز والاستقلال فتمنوا أن يكونوا عبيدا أذلاء يساقون كالأنعام إلى حيث البوار والدمار.
Halaman 3