Bayan Sarih
البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
Genre-genre
الخامس: علة القبح حاصلة قبل الفعل ولذلك ليس له أن يفعله فلولا أن ما يقتضي قبحه حاصل قبل وجوده لم يكن كذلك، ويلزم حينئذ قيام الصفة الحقيقية بالمعدوم؛ لأن مقتضي القبح صفة وجودية ، وقد يقال: لو كان القبح ذاتيا لزم أن يقدم المعلول على علته؛ لأن قبح الفعل حاصل لما عرفت، وعلته إما ذات الفعل أو صفته وليس شيء حاصل منها قبله.
قلنا: لا نسلم أن القبح أو علته حاصلة قبل الفعل، بل يحكم باتصافه بالقبح وبما يقتضيه إذا حصل، وهذا الحكم هو المانع من فعله والإقدام عليه لاتصافه بالقبح أو بما يقتضيه، علىأن القدماء منهم زعموا أن الذوات ثابتة متقررة في الأزل، فيصح عندهم اتصافها بالصفات الثبوتية.
وأجاب الإمام المهدي عليه السلام على هذا فقال: للقبيح ماهية ولازم ولكل واحد منهما مقتضى غير مقتضى الآخر، فماهية القبح ليس لنا أن نفعله، والمقتضي لهذا الحكم كونه إذا وجد كان ظلما أو كذبا ونحو ذلك، فهو ومقتضيه ثابتان في العدم، وأما لازمه فهو استحقاق الذم، وإنما يلزمه إذا وجد ما هو حكم له، والمقتضي له وجود ذلك الفعل الذي كان القبح حكما له، وعليه يحتمل كلام أصحابنا أن القبح تابع لحدوث الفعل إذ لو نفينا كلامه على ظاهره لزم أن نعلم فاعل القبيح أنه ليس له أن يفعله قبل إيقاعه والضرورة تدفع ذلك، فافهم هذه النكتة فإن بتحققها ترتفع إشكالات واردة لا يمكن التخلص عنها إلا بما ذكرنا، بل لا يمكن تصحيح قاعدة مذهبنا إلا بذلك، وصحته واضحة لا تردد فيها.
Halaman 93