فصل ومن ذلك إخباره بحسن ما أمر به في نحو قوله: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهومحسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا} وقوله: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} فاحتج الله سبحانه على حسن دين الإسلام، وأنه لا شيء أحسن منه فإنه يتضمن إسلام الوجه لله وهو إخلاص القصد والتوجه والعمل له سبحانه، والعبد مع ذلك محسن آت بكل حسن لا مرتكب للقبيح الذي يكرهه الله، بل هو مخلص لربه، محسن في عباده بما يحبه ويرضاه، وهو مع ذلك متبع لملة إبراهيم في محبته لله وحده وإخلاص الدين له، وبذل النفس والمال في مرضاته ومحبته، وهذا احتجاج منه على أن دين الإسلام أحسن الأديان بما تضمنه مما تستحسنه العقول، وتشهد به الفطر، وأنه قد بلغ الغاية القصوى في درجات الحسن والكمال، وهذا استدلال بغير الأمر المجرد بل هو دليل على أن ما كان كذلك فحقيق أن يأمر به عباده ولا يرضى منهم سواه، ومثل هذا قوله:{ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله...}الآية. فهو احتجاج بما ركب في العقول والفطر أنه لا قول للعبد أحسن من هذا القول.
Halaman 59