135

Bayan Sarih

البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح

Genre-genre

Fikah Syiah

قال: وكل كمال يثبت بالمخلوق غير مستلزم للنقص فخالقه ومعطيه إياه أحق به كالوجود والحياة، والعلم، والسمع، والبصر والقدرة، والإرادة، والكلام، والغنى والحكمة، والرحمة وغيرها، وكل نقص ينزه عنه المخلوق فالخالق تعالى أحق بالتنزه عنه كالكذب والظلم، والسفه والعيب، بل يجب تنزيبه الرب تعالى عن النقائص والعيوب مطلقا، وأن ينزه عنها بعض المخلوق، وكذلك إذا استدللنا على حكمته تعالى بهذه الطريق بجواز أن يقال: إذا كان الفاعل الحكيم الذي لا يفعل فعلا لحكمة وعاقبة مطلوبة له من فعله أكمل ممن يفعل لا لغاية ولا لحكمة، ولا لأجل محمودة وهي مطلوبة من فعله في الشاهد، ففي حقه تعالى أولى وأحق بالتنزه عنه، وبهذا أو نحوه ضرب الله الأمثال في القرآن، وذكر العقول ونبهها وأرشدها إلى ذلك كقوله: {ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا } فهذا مثل ضربه يتضمن قياس الأول في حقه يعني إذا المملوك فيكم له ملاك مشتركون فيه وهم متنازعون، ومملوك آخر له مالك واحد فهل يكون هذا وهذا سواء؟ فإذا كان هذا ليس عندكم لمن له رب واحد ومالك واحد فكيف ترضون أن تجعلوا لأنفسكم آلهة متعددة تجعلونها شركاء لله تحبونها كما تحبونه، وتخافونها كما تخافونه، وترجونها كما ترجونه، وكقوله: {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمان مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم} يعني أن أحدكم لا يرضى أن يكون له بنت فكيف تجعلون لله ما لا ترضونه لأنفسكم، ولقوله: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون، وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني إذاكان لا يستوي عندكم عبد مملوك لا يقدر على شيء وغنى موسع عليه ينفق مما رزقه الله فكيف تجعلون الصمم الذي هو أسوأ حالا من هذا العبد شريكا لله، وكذلك إذا كان لا يستوي عندكم رجلان أحدهما أبكم لا يعقل ولا ينطق ومع ذلك عاجز لا يقدر على شيء، وآخر على طريق مستقيم في أقواله وأعماله وهو آمر بالعدل عامل له لأنه على صراط مستقيم، فكيف تسوون بين الله تعالى وبين الصم في العبادة، ونظائر ذلك كثير في القرآن وفي الحديث كقوله في حديث الحارث الأشعري: ((وإن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله وقال اعمل وأدى إلي وكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده)).

Halaman 147