والجواب أيضا في أن لم يخلقها في لحظة وهو قادر على ذلك، وقال في إرشاد العقل السليم لأبي السعود في تفسير قوله: {كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم}أن الحكيم لا يكاد يفعل فعلا إلا وفيه حكمة بالغة وإن غفل عنها الغافلون ولم يتوصل إلى معرفة كنهها العاقلون.
وقال في الرسالة السعدية: ذهبت المعتزلة إلى أن الله يفعل لغرض وغاية وحكمة مخصوصة ومعقولة لنا أو خفية عنا، لكن لا يفعل إلا لحكمة وغرض.
وقالت الأشعرية: إن الله تعالى يستحيل أن يفعل شيئا لغرض وغاية البتة فلم يخلق الله تعالى العين للإبصار والأذن للسمع ولا الحواس للإدراك، ولا الأغذية للانتفاع بها، ولا الأدوية لإزالة الضرر بها، ولم يخلق النار للإحراق ولا الشمس للإشراق، ولا الغذاء للتغذي به، ولا الملاذ والفواكه للالتذاذ بها، وبالجلمة لم يخلق شيئا لغاية البتة.
وهذا القول باطل لوجوه:
الأول: أن يلزم منه العبث في فعله تعالى لأنه لا معنى للعبث إلا الفعل الخالي من الغاية والغرض وهو محال على الله تعالى.
والثاني: أنه يلزم منه الظلم في فعله لأنه إذا كلف العبد لا لغرض الإفادة وألزمه مشاق التكليف لا لنفعه في الدنيا ولا في الآخرة فذلك محض الظلم وهو منزه عن ذلك.
Halaman 11