Pahlawan Penakluk Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genre-genre
وكتب الكولونيل كامبل إلى حكومته سنة 1834 يقول: «كان من عادة أعيان سوريا أن يقدموا في شهر رمضان الهدايا للولاة والحكام، وقد أمر إبراهيم بمنع هذه الهدايا؛ لأنها لا تخلو من معنى الرشوة. وكان إبراهيم يحب الزراعة، فأنشأ المصرف الزراعي لإعطاء الفلاحين ما يحتاجونه من المال لزرع أرضهم، ووقاهم شر البدو الذين كانوا يعتدون على المزارع.» وكتب إلى حكومته في 15 أبريل سنة 1834 يقول: «لا تزال إلى الآن مساحة كبيرة من الأراضي بورا. ولكي يشجع إبراهيم الفلاحين على الزرع عين صرافا في حلب وآخر في أدنه وثالثا في دمشق، ووضع تحت تصرف كل صراف ألف كيس - 5 آلاف جنيه - يعطون منها أصحاب الأملاك حاجتهم. وبما أن غرضه تنشيط الزراعة، فإنه وجه إلى الولاة اللوائح بهذا الشأن. وقبل نظام إبراهيم كانت الفائدة 50 للمائة، ومع ذلك فالفائدة التي يتناولها الولاة اليوم عالية لأنها 20 للمائة. وكانت نتيجة عمل إبراهيم ونظامه أن تضاعفت حاصلات تلك البلاد ثلاثة أضعاف، وحل اليسر محل العسر، وعمرت الأرض.» وكتب هذا القنصل ذاته في سنة 1836: «إن إبراهيم أنفق أموالا طائلة على الزراعة، وقد كان الأهالي هجروا كثيرا من القرى فعادوا إليها وزادت حاصلات الحرير.» وكتب مولينوا قنصل سردينيا في حلب: «إن الفلاح السوري قد أثرى في ظل الحكم المصري.»
وكتب قنصل فرنسا في القاهرة: «إن النهر الجاري من عينتاب إلى حلب قد طهره إبراهيم ونظفه، فزادت مياهه الجارية، وهو صارف جهده لتنشيف المناقع حول الإسكندرونة، وسيصبح النهران اللذان يجريان بطرسوس صالحين لسير المراكب. وقد أنشأ هناك الطرقات على الساحل وفي الجبال لنقل الحاصلات والأخشاب، وكل الشكوى كانت من أن الفلاحين كانوا يقتلعون في الليل ما يغرسونه في النهار، وقد عزوا ذلك إلى الجهل.» ولكن المسيو لورين قنصل فرنسا علل ذلك بجور الموظفين. وقد قال في تقريره عن سنة 1839: «إن زيادة الأرض المنزرعة بلغت 80 ألف فدان في سنتين، وغرسوا آلافا من شجر التوت والزيتون، ولكن رجال الميري لم يفرقوا لجهلهم وغطرستهم بين النبت القديم والحديث، فضربوا الضرائب عليهما جميعا؛ لذلك اقتلع الأهالي الغرس الجديد. ولما وصل الخبر إلى إبراهيم باشا استنكر عمل موظفي الميري، وأمر محمد علي بمعاقبتهم، ولكن الضرر كان قد وقع وعدل الأهالي عن الزرع.»
وأمر إبراهيم - كما جاء في تقرير قنصل إنكلترا في حلب - بإلغاء أخذ الخمس من الحاصلات الزراعية، ووزع 446 شمبلا من البذار (والشنبل 75 أقة) و320400 قرش على الفلاحين، وزرع 247 ألف شجرة توت و52455 شجرة زيتون و264900 غرسة عنب، ووزع 611 محراثا، وكان قد وزع قبل ذلك 1718 محراثا.
وكتب بورفيل قنصل فرنسا في حلب سنة 1836: «إن المجهود الذي يبذله إبراهيم ليعزز مركزه في سوريا لهو مجهود لا يعرف التعب إليه سبيلا، وهو يظهر حزما عجيبا، وإذا حدثته أظهر عطفه الكبير على الأهالي، وهو يود من صميم فؤاده نشر المدنية بينهم.»
وروى عنه القنصل كامبل عندما زاره في برية حلب وهو منهمك بإبادة الجراد، فقال: «وجدته نازلا في خيمة قديمة كأحد العساكر، وهو في أثواب تكاد تكون رثة، ويجلس على سجادة قديمة، ويتكئ على سرج جواده، ولم يكن عنده سوى كرسي واحد قدمه لي. وحدثني عن الجراد، فقال إنه يأمل إبادة بيضه قبل أن يفقس ويضر بالزرع . وقد وزع عساكره العشرة الآلاف على عدة مناطق، وقال لي: إنا أحرقنا حتى الآن 16 ألف إردب.» والذي يؤخذ من تقارير القناصل أن إبراهيم أدخل زراعات جديدة في أنحاء سوريا كلها، وأتى بأنواع النبات والأشجار من أوروبا. ولما خرج المصريون من سوريا كتب قنصل إنكلترا يقول إن كل ما فعله إبراهيم قد أهمل وبار، حتى القرى التي أنشأها لتحضير البدو قد تهدمت.
أما الصناعة، فكان تقدمها في المدن كبيرا، فكتب المسيو بوالكانت يقول إن كل مدينة من مدن سوريا تختص الآن بنوع من الصناعة؛ فدمشق تصنع الآن 400 ألف ثوب من الحرير الممزوج بالقطن، يبلغ ثمنها ستة ملايين فرنك، وحلب تصنع المقصبات من الحرير والذهب، ومصنوعاتها أفضل من مصنوعات ليون وأمتن وأرخص، وطرابلس تصنع الأحزمة والزنار، وأهالي القرى قد تعلموا نسج الحرير، واشتهرت دمشق في كل أنحاء الشرق بصنع سروج الخيل، وطرابلس والقدس ونابلس ويافا والرملة تعلمت صنع الصابون، والخليل تصنع المصابيح الزجاجية، وأنطاكية ودمشق تتقنان الآن دبغ الجلود، وطرسوس تصنع أشرعة المراكب التجارية. ولحماية هذه الصناعات زاد محمد علي الضرائب الجمركية على مثيلاتها 3 بالمائة، بحجة أن الدول الأوروبية تحارب مصنوعات بلاده في أملاكها. وقد راجت المصنوعات السورية في بلاد العرب وإيران وما وراءها وتركيا كلها.
ويقول الكولونيل كامبل إن ما استنفدته معامل حلب ودمشق وحماه وطرابلس ودير القمر وصيدا من حرير البلاد السورية بلغ في سنة 1836 ألفا و200 قنطار.
وأنشأ إبراهيم معملا لنسج الصوف في صيدا يكفي سكان الجبال الباردة حاجتهم، كما أنشأ معاصر لزيت الزيتون في طرابلس، وأتى بالآلات والعدد من فرنسا.
واستخدم محمد علي علماء المعادن للبحث عنها في أراضي لبنان وسوريا، فوكل إلى المهندسين الفرنساويين البحث عن الرخام وأمثاله، وإلى الإنكليز البحث في لبنان وفلسطين عن الفحم الحجري، وإلى النمساويين البحث عن الرصاص والفضة والنحاس والذهب والحديد في بلاد النصيرية.
وزادت بعد ذلك تجارة سوريا زيادة كبيرة جدا، فقد بلغت 31 مليون فرنك في سنة 1833، وأخذت بالنمو حتى وصلت إلى 48 مليونا في سنة 1835 كما جاء في تقارير قناصل الدول وأهمها تقريرا كامبل قنصل إنكلترا ولورين قنصل فرنسا. وصارت دمشق - وعدد سكانها 120 ألفا - مركز تجارة الشرق، وحلب تجارة الأناضول والعراق. واهتم إبراهيم بطرق المواصلات، فأنشأ الطرقات، وبنى 30 مركبا للنقل من أنطاكية في نهر العاصي، فاتهمه قنصل إنكلترا بأنه يريد من ذلك فتح بغداد، ولكن إبراهيم كان يود أن يعيد لأنطاكية مجدها القديم لأنها كانت عاصمة الشرق يوم كانت رومة عاصمة الغرب.
Halaman tidak diketahui