Pahlawan Penakluk Ibrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Genre-genre
48000 درزي.
42000 نصيري.
15000 متوالي ويزدي.
وأخذ إبراهيم يولي غير المحمديين الوظائف في الحكومة، وألف المحاكم المدنية، كما ألف دواوين المشورة من الأعيان. ووجه نظره إلى القضاء على وجه التخصيص، حتى كتب الكولونيل كامبل قنصل إنكلترا في الإسكندرية إلى حكومته في سنة 1837 يقول:
إن القضاء في سوريا قد سار في مدة قصيرة سيرته في مصر بعد طول الاختبار فيها؛ فقد كان القاضي الشرعي يحكم في جميع القضايا، وكان الباب العالي يعين المفتي في كل سنة، والمفتي يعين القضاة، وهؤلاء يحكمون بأحكام الشريعة، ولا تقبل شهادة المسيحي إلا في حالة عدم وجود الشاهد المسلم، ولا يستطيع الإنسان أن يتصور الفساد والرشوة، حتى إنهم كانوا يعرفون في إستامبول قهوة للشهود الزور يقاول الواحد منهم على شهادته وعلى مدة الأيام التي يستخدم فيها لأداء هذه الشهادة. وقد يتمكن المفتي في مدى السنة التي يعين فيها من جمع ثروة طائلة؛ لأن تعيين القاضي ليس بالجدارة والاستحقاق بل بالثمن. وإذا لم يكن بإمكان محمد علي إزالة ذلك كله دفعة واحدة، إلا أنه خفف منه كثيرا جدا، وأكبر عمل عمله هو أنه لا يسمح للمحكمة بنظر القضية إلا إذا تلقت إذنا بذلك من الحاكم، فإلى الحاكم تقدم مذكرة بموضوع القضية، وهو يصدر بعد ذلك الإذن، والحاكم لا يمنع نظر أية قضية ما عدا القضايا الجنائية. أما قضايا الأحوال الشخصية وقضايا الملكية والمذهب ... إلخ، فإن الحاكم يدرس مذكرتها، ثم يحيلها إلى القاضي بقرار يلخص فيه الموضوع. أما قضايا الضرائب والتجارة والديون ... إلخ، فإنها تحال على ديوان المشورة.
وكافح إبراهيم الرشوة بما أحله بالقضاة من العقاب، حتى استقام أمرهم وساروا على منهاج العدالة والإنصاف. ولم يكن للقضاة رواتب، فقرر أن يعطى القاضي في العام من 50 إلى 65 جنيها. وعين الرواتب لجميع الموظفين، وكانوا يتناولون أجورهم من أصحاب القضايا. وعمم مجالس المشورة في عكا وبيروت ودمشق وحلب وعنتاب وكلليس، وجعل الديوان العالي في دمشق. وكان بحري بك رئيس هذا الديوان الذي ينقض الأحكام أو يقرها بأمر الحاكم شريف باشا. ولم يتخذ إبراهيم لنفسه مقرا ثابتا؛ لأنه صمم على أن يشرف بنفسه على جميع الشئون، فكان ينتقل من بلد إلى آخر، وكان يطلع في كل بلد على شئونه ورقابة حكامه والموظفين فيه، وكان يعامل الموظفين الكبار إذا خرجوا عن جادة العدالة بكل صرامة. ا.ه.
وإليك ما كتبه المستر فيري قنصل إنكلترا في دمشق إلى حكومته:
إن إبراهيم باشا فتش أثناء إقامته هنا أعمال الحكومة والحكام، فوجد في أعمالهم ما يوجب المؤاخذة والعقاب، فطرد عددا كبيرا من الموظفين، وأنزل رتب البعض، وحكم على أحد حجاب شريف باشا - الحاكم العام - بالسجن خمس سنين في عكا، وذهب بنفسه إلى ديوان المشورة، ولم يسمح لأعضاء هذا الديوان بأن يغادروا عملهم مدة عدة أيام إلى أن أتموا الأعمال التي كانت متراكمة فيه.
ولما قامت فتنة فلسطين وجبال نابلس في شهر يونيو من سنة 1834 قصد محمد علي إلى تلك البلاد؛ ليباحث ابنه إبراهيم في تنظيم إدارتها، وليقف منه على كل شيء، وليعاونه على إخماد الفتن. ولكنه لم يكن هناك سوى شهر واحد؛ أي من 29 يونيو إلى 29 يوليو، وعاد إلى مصر، وواصل إبراهيم عمله في إخماد الفتن في الجهات الأخرى يعاونه الأمير بشير الشهابي. وألف محمد علي مجلسا لإدارة الشئون في مصر مدة غيابه برياسة عبدي بك أحد المتخرجين من مدارس فرنسا العليا في التدبير السياسي، وجعل أعضاء هذا المجلس العالي من رؤساء الدواوين ومن اثنين من كل مديرية، وأن يقسم المجلس أقساما فيختص كل قسم بما خصص له أعضاؤه وينفذ الرئيس القرارات.
وبعد أن أطفأ إبراهيم الفتن استدعاه والده من سوريا ليستريح وليتفق معه على إدارة شئون تلك البلاد، ولا سيما مسألة جبل لبنان، فأقام إبراهيم في القاهرة من يناير إلى أغسطس 1835، وبعد عودته إلى سوريا أخذ ينفذ الخطة التي اتفق عليها مع والده؛ وهي تجنيد اللبنانيين ونزع سلاحهم؛ لأنه وإن كان الأمير بشير حليف محمد علي إلا أنه كان يخشى اللبنانيين إذا ظلوا مسلحين، فطلب إبراهيم باشا من الأمير بشير 1800 شاب من الدروز ليجندوا، فأبى الدروز تقديم شبانهم، وأوهم المسيحيين أنه سيعفيهم من التجنيد ونزع السلاح. وجاء حنا بحري لإقناع الدروز بتسليم السلاح، فلم يقنعوا، فزحف إبراهيم باشا بجيش كبير، فأرسل الأمير بشير أولاده وأحفاده ليجمعوا السلاح من الدروز، وبعد ذلك طلب السلاح من النصارى وترك دروز حوران وشأنهم. وكان الكثيرون من شبان الدروز قد غادروا لبنان إلى حوران، وانتهى الأمر بعد أخذ سلاح الدروز والنصارى بأنه أمر بإرسال 600 شاب من الدروز إلى عكا ومصر ليدربوا على الأعمال العسكرية. ثم أخذ إبراهيم بإتمام تنظيم الشئون في أنحاء تلك البلاد تنفيذا للبرنامج الذي حمله من مصر، وهو يتناول كل فرع من فروع الحياة القومية في تلك الأقطار. وكان مذهب إبراهيم في إدارة تلك البلاد هو مذهب نابليون «بأن الشورى للجماعة والتنفيذ للفرد»؛ لذلك حاول أن يكون حوله جميع الذين يستطيعون الخدمة وخدمة المصلحة، ولكنه حال دون مرامه أمران؛ الأول: فقر البلاد بالرجال الصالحين لتولي العمل، والثاني: فساد الموظفين وأخذهم بالطرق القديمة. وقد كتب عنه المستر يانس في كتابه تاريخ مصر الحديث: «إن هذا الأمير كان محبا للعدالة، ولما كان متوليا أمور سوريا لم يهمل وسيلة من الوسائل لكبح جماح الموظفين وقمع فسادهم ، فأنزل قيمة الفوائد المالية والربا الذي كان يحصله الصراف والمرابون، وفتح بابه لكل سائل ومتظلم، وكان الناس يغنمون فرصة خروجه من باب ديوانه ليبسطوا له ظلاماتهم. ودون شاهد عيان أن جبليا اعترض إبراهيم باشا في طريقه ليبسط له ظلامته، فلما ضاق صدر الباشا قال له: «يا عزيزي، لقد طالعت اليوم مائتي عريضة وأود أن أرتاح قليلا، فثق بأن عريضتك ستكون موضوع عنايتي.» وحدث مرة أخرى أن أهالي الناصرة تظلموا من سلب الحاكم الأموال، فأمره إبراهيم بأن يقدم حساباته بلا إبطاء، فظهر له أنه زاد مبلغ 600 قرش على الضرائب، ولما كان هذا الموظف لم يصرف في الخدمة سوى 12 شهرا، فأمر بسجنه في سجن عكا 12 شهرا كاملا.»
Halaman tidak diketahui