Balagha Casriyya dan Bahasa Arab
البلاغة العصرية واللغة العربية
Genre-genre
ومن هذا البحث المؤاجز نعرف أيضا أن أعظم ما تحتاج إليه أمة ما كي يرتقي مجتمعها وتنقص أمراضها وجرائمها، وكي يسلك أبناؤها السلوك الاجتماعي الحسن؛ أن تعمل لترقية لغتنا، وتنقيتها، ووضع الكلمات الجديدة التي تزيد الإحساس بالفضائل، وما أجمل أن نذكر للشعب ونكرر الذكر لكلمات الحرية والديمقراطية، بل الديمقراطية الاجتماعية والمساواة والإخاء والحب والمروءة والشرف والثقافة وحق المرأة في الإنسانية ونحو ذلك؛ أنها كلمات يصح أن يكون كل منها برنامجا للسلوك الاجتماعي السوي، بل الراقي.
الفصل الحادي عشر
الكلمة الموضوعية والكلمة الذاتية
طبيعة الكلمات هي الجمود وطبيعة الأشياء التي تعبر عنها هي التغير، فكل شيء في الدنيا، بل في هذا الكون يتغير، والحياة في الحيوان، والنبات هي أعظم المظاهر لهذا التغير، وهذا التغير على أقصاه في الإنسان؛ لأنه يعيش في مجتمع تتغير به أخلاقه وعاداته وآراؤه.
ونحن في تفكيرنا نتخذ أسلوبين: الأسلوب الموضوعي حين نتجرد من إحساسنا الشخصي، أو لا نجد له مجالا، كما لو قلنا: كرسي، أو، أسد، أو، شمس، أو شارع. فكلنا على وجه التقريب يذكر هذه الأسماء دون أي انفعال، وكلنا سواء تقريبا في إدراك صورها؛ ولذلك إذا كنا في حوار، وذكر أحدنا الشمس أو الكرسي؛ لم يحتج الآخر إلى أن يسأله: ماذا تعني؟ لأن المعنى واضح.
وهذه الكلمات موضوعية؛ أي أنها غير متأثرة بذواتنا، والمفكر العلمي يحاول على الدوام الوصول إلى هذا الأسلوب الموضوعي في التفكير؛ أي أنه حين يبحث مشكلة يتجرد من إحساساته وميوله وما يحب وما يكره.
ولكن هناك الأسلوب الذاتي أسلوب الأديب، والفنان فرجل الأدب يتحدث عن المثليات ، أو الجمال، أو الذوق، أو العظمة. وهذه الكلمات جميعها ذاتية؛ أي تعبر عن إحساساته وانفعالاته؛ ولذلك نختلف فيها كثيرا، فقد يقول أحدنا: إن القناعة من فضائل الفلاح. فأرد أنا عليه ولي انفعالات نفسية: لا بل هي من رذائله، وقد يستمع أحدنا إلى امرأة تغني فيقول: إن الأغنية حسنة، فيرد آخر: بأنها ليست أغنية وإنما هي أغنوجة.
ومن هنا نفهم أن الغناء والقناعة كلمتان ذاتيتان نختلف فيهما كثيرا، أما الكرسي، والشارع فكلمتان موضعيتان لا علاقة لهما بانفعالاتنا وإحساساتنا؛ ولذلك لا نختلف فيهما.
فحين أسمع أحدهم يقول: «امرأة جميلة» فإني أفهم كلمة امرأة ولا أختلف معه؛ لأن الكلمة موضوعية، ولكنه حين وصفها بالجمال قد تعرض للمناقشة؛ لأن الكلمة ذاتية إذ قد تكون فكرتي عن الجمال غير فكرته.
والكاتب الذكي هو الذي يحاول أن يكون عمليا موضوعيا وليس عاميا ذاتيا، ولكن يجب أن نذكر أن اللغة ستحتوي - على الدوام - كلمات ذاتية تعبر عن الآداب والفنون، وهي هنا ليست عامية، ولكنها تعبر عن ذاتية ممتازة.
Halaman tidak diketahui