وأن الأمر يتطلب رجلا حكيما يدير شؤون الدولة، وأن الصغير «بدر الدين سلامش» يعيق الأمر ولا يصلح للسلطنة، فاتفق الجميع على خلع العادل بدر الدين سلامش وسلطنة المنصور قلاوون سنة ٦٧٨ هـ (^١).
أما الأسرة الثانية: فهي أسرة المنصور قلاوون نفسه، وقد استمر أمرها أربع عشرة ومائة سنة (٦٧٨ - ٧٩٢ هـ) وحكم هو وأولاده وأحفاده، ولم يتخللها سوى خمس سنوات خرج أمر مصر من أيديهم (^٢).
ويلاحظ أن أسرة المنصور قلاوون قد حكم منها خمسة عشر سلطانا، وكان أكثرهم يتولى الأمر وهو صغير، لذا يكون ألعوبة بيد كبار الأمراء فيخلعونه أو يقتلونه، وما بقاء هذه الأسرة في الحكم هذه المدة الطويلة إلا بسبب ما تمتع به المنصور قلاوون وابنه الناصر محمد بن قلاوون من حب، فقد تولى الناصر محمد أكثر من مرة (^٣) آخرها من سنة ٩٠٧ - ٧٤١ هـ، ففي هذه المدة الأخيرة من حكم الناصر محمد اشتد عوده، وزادت خبرته، فقبض على زمام الأمور بشكل محكم، واستمر أكثر من إثنتين وثلاثين سنة، ولكن أبناء الناصر محمد الذين جاءوا من بعده كانوا سلاطين بلا سلطان، ومنفذين بلا قوة، حيث كان الواحد منهم يخلع أو يقضى عليه ويؤتى بابنه كأنه للبقاء على
_________
(^١) انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٣٣٧.
(^٢) إذ تسلم العادل كتبغا الحكم من سنة ٦٩٤ - ٦٩٦ هـ، والمنصور لاجين من سنة ٦٩٦ - ٦٩٨ هـ، والمظفر بيبرس الجاشنكير سنة واحدة ٧٠٨ - ٧٠٩ هـ، وقد قتل ثلاثتهم.
انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٣٨١،٣٨٦، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٤٣٤.
(^٣) السلطان الناصر محمد بن قلاوون الصالحي، ولي السلطنة لأول مرة لمدة سنة وعمره تسع سنين من سنة ٦٩٣ - ٦٩٤ هـ، ثم تسلطن في المرة الثانية عشر سنوات من سنة ٦٩٨ - ٧٠٨ هـ والثالثة اثنتين وثلاثين سنة من سنة ٧٠٩ - ٧٤١ هـ حيث مات في هذه السنة.
انظر: الذهبي: العبر ٣/ ٣٧٩،٣٨١، ابن العماد: شذرات الذهب ٥/ ٤٢٢،٤٤٠،٦/ ١٨، ١٣٤.
1 / 44