شذرات من سجايا البغداديين وشمائلهم
امتاز البغداديون بخلال كريمة وسجايا فاضلة، يأتي في الطليعة منها: (1)
الظرف:
كان البغداديون مضرب المثل بالظرف، فكان الناس يقولون: ظرف بغدادي، ولو حاول الكاتب أن يستقصي الظرفاء والظريفات من البغداديين والبغداديات لاجتمع لديه كتاب يعد من الطرافة بمكان، ويكون للحسن بن هانئ المكان الأول في ذلك الكتاب. (2)
الميل للطرب:
عرف البغداديون بهذه الخصلة، وكان الأكابر منهم يأخذون أنفسهم بضروب من اللهو البريء - كما يقول المعاصرون - وقد رويت روايات وبسطت حكايات فيما كان يتعاطاه الناس في بغداد من ضروب المطربات وصنوف الملهيات مما تكون الإفاضة فيه من قبيل وصف النهار بالبياض. وما عليك إلا أن ترجع إلى كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربه، والليلة الثامنة والعشرين من كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان؛ فإنك تجد فيها ما يبهرك.
اقرأ ما قاله أبو حيان في عرض الليلة التي أشرنا إليها:
عهدي بهذا الحديث سنة ستين وثلاثمائة «أحصينا - ونحن جماعة في الكرخ - أربعمائة وستين جارية في الجانبين، ومائة وعشرين حرة، وخمسة وتسعين من الصبيان البدور، يجمعون بين الحذق والحسن والظرف والعشرة، هذا سوى من كنا لا نظفر به ولا نصل إليه؛ لعزته وحرسه ورقبائه، وسوى ما كنا نسمعه ممن لا يتظاهر بالغناء وبالضرب إلا إذا نشط في وقت ...»
وهذا الرقم من المطربات والمطربين أوضح دليل على انصباب الناس في عاصمة العباسيين على السماع. والكلام الذي أورده أبو حيان في هذا الباب يشبه أن يكون منقولا بالنص عن حكاية أبي القاسم البغدادي لأبي المطهر محمد بن أحمد الأزدي،
1
Halaman tidak diketahui