73

Bantuan yang Membantu

عون المعبود شرح سنن أبي داود

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1415 AH

Lokasi Penerbit

بيروت

Genre-genre

Sains Hadis
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [حاشية ابن القيم، تهذيب السنن] مَدْلُول الْحَدِيث وَخِلَاف مَا عَلَيْهِ النَّاس وَأَهْل الْعِلْم قَاطِبَة فَإِنَّهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْ الْبَوْل فِي هَذِهِ الْمِيَاه وَإِنْ كَانَ مُجَرَّد الْبَوْل لَا يُنَجِّسهَا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ إِذَا مُكِّنَ النَّاس مِنْ الْبَوْل فِي هَذِهِ الْمِيَاه وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَة عَظِيمَة لَمْ تَلْبَث أَنْ تَتَغَيَّر وَتَفْسُد عَلَى النَّاس كَمَا رَأَيْنَا مِنْ تَغَيُّر الْأَنْهَار الْجَارِيَة بِكَثْرَةِ الْأَبْوَال وَهَذَا كَمَا نَهَى عَنْ إِفْسَاد ظِلَالهمْ عَلَيْهِمْ بِالتَّخَلِّي فِيهَا وَإِفْسَاد طُرُقَاتهمْ بِذَلِكَ فَالتَّعْلِيل بِهَذَا أَقْرَب إِلَى ظَاهِر لَفْظه وَمَقْصُوده وَحِكْمَته بِنَهْيِهِ وَمُرَاعَاته مَصَالِح الْعِبَاد وَحِمَايَتهمْ مِمَّا يُفْسِد عَلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ مَوَارِدهمْ وَطُرُقَاتهمْ وَظِلَالهمْ كَمَا نَهَى عَنْ إِفْسَاد مَا يَحْتَاج إِلَيْهِ الْجِنّ مِنْ طَعَامهمْ وَعَلَف دَوَابّهمْ فَهَذِهِ عِلَّة مَعْقُولَة تَشْهَد لَهَا الْعُقُول وَالْفِطَر وَيَدُلّ عَلَيْهَا تَصَرُّف الشَّرْع فِي مَوَارِده وَمَصَادِره وَيَقْبَلهَا كُلّ عَقْل سَلِيم وَيَشْهَد لَهَا بِالصِّحَّةِ وَأَمَّا تَعْلِيل ذَلِكَ بِمِائَةِ وَثَمَانِيَّة أَرْطَال بِالدِّمَشْقِيِّ أَوْ بِمَا يَتَحَرَّك أَوْ لَا يَتَحَرَّك أَوْ بِعِشْرِينَ ذِرَاعًا مُكَسَّرَة أَوْ بِمَا لَا يُمْكِن نَزْحه فَأَقْوَال كُلٌّ مِنْهَا بِكُلٍّ مُعَارَضٌ وَكُلٌّ بِكُلٍّ مُنَاقَضٌ لَا يُشَمّ مِنْهَا رَائِحَة الْحِكْمَة وَلَا يُشَام مِنْهَا بَوَارِق الْمَصْلَحَة وَلَا تُعَطَّل بِهَا الْمَفْسَدَة الْمَخُوفَة فَإِنَّ الرَّجُل إِذَا عَلِمَ أَنَّ النَّهْي إِنَّمَا تَنَاوَلَ هَذَا الْمِقْدَار مِنْ الْمَاء لَمْ يَبْقَ عِنْده وَازِع وَلَا زَاجِر عَنْ الْبَوْل فِيمَا هُوَ أَكْثَر مِنْهُ وَهَذَا يَرْجِع عَلَى مَقْصُود صَاحِب الشَّرْع بِالْإِبْطَالِ وَكُلّ شَرْط أَوْ عِلَّة أَوْ ضَابِط يَرْجِع عَلَى مَقْصُود الشَّارِع بِالْإِبْطَالِ كَانَ هُوَ الْبَاطِل الْمُحَال وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى هَذَا أَنَّ النَّبِيّ ذَكَرَ فِي النَّهْي وَصْفًا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُعْتَبَر فِي النَّهْي وَهُوَ كَوْن الْمَاء دَائِمًا لَا يَجْرِي وَلَمْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله الدَّائِم حَتَّى نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّة بِقَوْلِهِ لَا يَجْرِي فَتَقِف النَّجَاسَة فِيهِ فَلَا يَذْهَب بِهَا وَمَعْلُوم أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّة مَوْجُودَة فِي الْقُلَّتَيْنِ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَالْعَجَب مِنْ مُنَاقَضَة الْمُحَدِّدِينَ بِالْقُلَّتَيْنِ لِهَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ اِعْتَبَرُوا الْقُلَّتَيْنِ حَتَّى فِي الْجَارِي وَقَالُوا إِنْ كَانَتْ الْجَرِيَّة قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا لَمْ يَتَأَثَّر بِالنَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَتْ دُون الْقُلَّتَيْنِ تَأَثَّرَتْ وَأَلْغَوْا كَوْن الْمَاء جَارِيًا أَوْ وَاقِفًا وَهُوَ الْوَصْف الَّذِي اِعْتَبَرَهُ الشَّارِع وَاعْتَبَرُوا فِي الْجَارِي وَالْوَاقِف الْقُلَّتَيْنِ وَالشَّارِع لَمْ يَعْتَبِرهُ بَلْ اِعْتَبَرَ الْوُقُوف وَالْجَرَيَان فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا لَمْ تُخَصِّصُوا الْحَدِيث وَلَمْ تُقَيِّدُوهُ بِمَاءٍ دُون مَاء لَزِمَكُمْ الْمُحَال وَهُوَ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْبَوْل فِي الْبَحْر لِأَنَّهُ دَائِم لَا يَجْرِي قيل ذكره الْمَاء الدَّائِم الَّذِي لَا يَجْرِي تَنْبِيه عَلَى أَنَّ حِكْمَة النَّهْي إِنَّمَا هِيَ مَا يَخْشَى مِنْ إِفْسَاد مِيَاه النَّاس عَلَيْهِمْ وَأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْمِيَاهِ الدَّائِمَة الَّتِي مِنْ شَأْنهَا أَنْ تُفْسِدهَا الْأَبْوَال فَأَمَّا الْأَنْهَار الْعِظَام وَالْبِحَار فلم يدل نهي النبي عَلَيْهَا بِوَجْهِ بَلْ لَمَّا دَلَّ كَلَامه بِمَفْهُومِهِ عَلَى جَوَاز الْبَوْل فِي الْأَنْهَار الْعِظَام كَالنِّيلِ وَالْفُرَات فَجَوَاز الْبَوْل فِي الْبِحَار أَوْلَى وَأَحْرَى وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا تَخْصِيص لِعُمُومِ كَلَامه فَلَا يَسْتَرِيب عَاقِل أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَخْصِيصه بِالْقُلَّتَيْنِ أَوْ مَا لَا يُمْكِن نَزْحه أَوْ مَا لَا يُمْكِن تَبَلُّغ الْحَرَكَة طَرَفَيْهِ

1 / 81