Bantuan yang Membantu
عون المعبود شرح سنن أبي داود
Penerbit
دار الكتب العلمية
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1415 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Sains Hadis
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الثَّالِث أَنَّهُ مُوَافِق لِعَمَلِ أَهْل الْمَدِينَة قَدِيمًا وَحَدِيثًا فَإِنَّهُ لَا يُعْرَف عَنْ أَحَد مِنْهُمْ أَنَّهُ حَدَّدَ الْمَاء بِقُلَّتَيْنِ وَعَمَلهمْ بِتَرْكِ التَّحْدِيد فِي الْمِيَاه عَمَل نَقْلِيّ خَلَفًا عَنْ سَلَف فَجَرَى مَجْرَى نَقْلهمْ الصَّاع وَالْمُدّ وَالْأَجْنَاس وَتَرْك أَخْذ الزَّكَاة مِنْ الْخَضْرَوَاتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمُحْتَجّ بِهِ مِنْ إِجْمَاعهمْ دُون مَا طَرِيقه الِاجْتِهَاد وَالِاسْتِدْلَال
فَإِنَّهُمْ وَغَيْرهمْ فِيهِ سَوَاء وَرُبَّمَا يُرَجَّح غَيْرهمْ عَلَيْهِمْ وَيُرَجَّحُوا هُمْ عَلَى غَيْرهمْ
فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَوْضِع
فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ التَّرْجِيح فَمَعَنَا مِنْ التَّرْجِيح مَا يُقَابِلهُ وَهُوَ أَنَّ الْمَفْهُوم هُنَا قَدْ تَأَيَّدَ بِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ الْبَوْل فِي الْمَاء الرَّاكِد وَالْأَمْر بِإِرَاقَةِ مَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْب وَالْأَمْر بِغَسْلِ الْيَد مِنْ نَوْم اللَّيْل فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمَاء يَتَأَثَّر بِهَذِهِ الْأَشْيَاء وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّر وَلَا سَبِيل إِلَى تَأَثُّر كُلّ مَاء بِهَا بَلْ لَا بُدّ مِنْ تَقْدِيره فَتَقْدِيره بِالْقُلَّتَيْنِ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيره بِغَيْرِهِمَا لِأَنَّ التَّقْدِير بِالْحَرَكَةِ وَالْأَذْرُع الْمُعَيَّنَة وَمَا يُمْكِن نَزْحه وَمَا لَا يُمْكِن تَقْدِيرَات بَاطِلَة لَا أَصْل لَهَا وَهِيَ غَيْر مُنْضَبِطَة فِي نَفْسهَا فَرُبَّ حَرَكَة تُحَرِّك غَدِيرًا عَظِيمًا مِنْ الْمَاء وَأُخْرَى تُحَرِّك مِقْدَارًا يَسِيرًا مِنْهُ بِحَسَبِ الْمُحَرِّك وَالْمُتَحَرِّك
وَهَذَا التَّقْدِير بِالْأَذْرُعِ تَحَكُّم مَحْض لَا بِسُنَّةٍ وَلَا قِيَاس وَكَذَا التَّقْدِير بِالنَّزْحِ الْمُمْكِن مَعَ عَدَم اِنْضِبَاطه فَإِنَّ عَشْرَة آلَاف مَثَلًا يُمْكِنهُمْ نَزْح مَا لَا يَنْزَحهُ غَيْرهمْ فَلَا ضَابِط لَهُ
وَإِذَا بَطَلَتْ هَذِهِ التَّقْدِيرَات وَلَا بُدّ مِنْ تَقْدِير فَالتَّقْدِير بِالْقُلَّتَيْنِ أَوْلَى لِثُبُوتِهِ إما عن النبي وَإِمَّا عَنْ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ
قِيلَ هَذَا السُّؤَال مَبْنِيّ عَلَى مَقَامَات
أَحَدهَا أَنَّ النَّهْي فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث مُسْتَلْزِم لِنَجَاسَةِ الْمَاء الْمَنْهِيّ عَنْهُ
وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّنْجِيس لَا يَعُمّ كُلّ مَاء بَلْ يَخْتَصّ بِبَعْضِ الْمِيَاه دُون بَعْض
وَالثَّالِث أَنَّهُ إِذَا تَعَيَّنَ التَّقْدِير كَانَ تَقْدِيره بِالْقُلَّتَيْنِ هُوَ الْمُتَعَيِّن
فَأَمَّا الْمَقَام الْأَوَّل فَنَقُول لَيْسَ فِي شَيْء مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّ الْمَاء يَنْجُس بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاة الْبَوْل وَالْوُلُوغ وَغَمْس الْيَد فِيهِ
أَمَّا النَّهْي عَنْ الْبَوْل فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَة عَلَى أَنَّ الْمَاء كُلّه يَنْجُس بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاة الْبَوْل لِبَعْضِهِ بَلْ قَدْ يَكُون ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَوْل سَبَب لِتَنْجِيسِهِ فَإِنَّ الْأَبْوَال مَتَى كَثُرَتْ فِي الْمِيَاه الدَّائِمَة أَفْسَدَتْهَا وَلَوْ كَانَتْ قِلَالًا عَظِيمَة
فَلَا يَجُوز أَنْ يُخَصّ نَهْيه بِمَا دُون الْقُلَّتَيْنِ فَيَجُوز لِلنَّاسِ أَنْ يَبُولُوا فِي الْقُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا وَحَاشَى لِلرَّسُولِ ﷺ أَنْ يَكُون نَهْيه خَرَجَ عَلَى مَا دُون الْقُلَّتَيْنِ وَيَكُون قَدْ جَوَّزَ لِلنَّاسِ الْبَوْل فِي كُلّ مَاء بَلَغَ الْقُلَّتَيْنِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِمَا وَهَلْ هَذَا إِلَّا إِلْغَازٌ فِي الْخِطَاب أَنْ يَقُول لَا يَبُولَن أَحَدكُمْ فِي الْمَاء الدَّائِم الَّذِي لَا يَجْرِي وَمُرَاده مِنْ هَذَا اللَّفْظ الْعَامّ أَرْبَعمِائَةِ رَطْل بِالْعِرَاقِيِّ أَوْ خَمْسمِائَةِ مَعَ مَا يَتَضَمَّنهُ التَّجْوِيز مِنْ الْفَسَاد الْعَامّ وَإِفْسَاد مَوَارِد النَّاس وَمِيَاههمْ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ حَمْله عَلَى مَا لَا يُمْكِن نَزْحه أَوْ مَا لَا يَتَحَرَّك أَحَد طَرَفَيْهِ بِحَرَكَةِ طَرَفه الْآخَر وَكُلّ هذا خلاف
1 / 80