وتوزعت الأفكار المتضاربة جبل فلاذ بالصمت. أشفق من أن يمد يد العون. ولم يرتح إلى الجهر بالرفض. ووجد الرجال أنفسهم حيال تأنيب قارع من دعبس، ونظرات باردة تعكسها أعين الآخرين، وصمت لا أمل فيه عند جبل، فنهضوا خائبين، وذهبوا من حيث أتوا. وصبر دعبس حتى اختفوا ثم حرك قبضة يمناه في بذاءة وهتف: إلى حيث ألقت يا أولاد الخنازير.
فصاح جبل: الشماتة ليست من شيم السادة!
43
كان يوما مشهودا يوم تسلم جبل حصة آله من الوقف. واتخذ في حوش الربع - ربع النصر - مجلسه ودعا إليه آل حمدان. وأحصى ما في كل أسرة من أنفس ووزع الأموال بالتساوي فيما بينهم، وحتى شخصه لم يخصه بامتياز. ولعل حمدان لم يرتح إلى هذه العدالة كل الارتياح، ولكنه عبر عن مشاعره بطريقة غير مباشرة فخاطب جبل قائلا: ليس العدل أن تظلم نفسك يا جبل!
فقطب جبل قائلا: أخذت نصيب اثنين، أنا وشفيقة. - ولكنك رئيس هذا الحي.
فقال جبل بصوت سمعه الجميع: ما ينبغي لرئيس القوم أن يسرقهم.
وبدا دعبس وهو ينتظر نتيجة المحاورة في قلق، ثم قال: جبل غير حمدان، وحمدان غير دعبس، ودعبس غير كعبلها!
فقال جبل معارضا في غضب: تريد أن تجعل من الأسرة الواحدة سادة وخدما!
ولكن دعبس تشبث برأيه وقال: فينا صاحب القهوة والبائع الجوال والمتسول، فكيف تسوي بين هؤلاء؟! وأنا كنت أول من خرج على الحصار حتى تعرضت لمطاردة قدرة، وأول من لاقاك في غربتك، وأول من تحمس لرأيك بعد ذلك والقوم مترددون!
اشتد الغضب بجبل فصاح به: مادح نفسه كذاب، والله إن أمثالك ليستحقون الظلم الذي حاق بهم.
Halaman tidak diketahui