تذكرين كرما منك وتلطفا ما عانيناه في سبيل عيد المقتطف - يا حبذا عيد المقتطف يا مي - ويا ما أعذب ما كلفنا من عناء وتعب؛ فقد أتاح لي أن أعرف فيك فوق الكثير مما كنت أعرف من رقة الطباع، وسداد الرأي والصبر على المكروه، ما زادني إعجابا برجاحة عقلك وسمو قلبك، وهل للباحث المنقب ألذ من اكتشاف مثل تلك السجايا؟
لذلك ما ذكرت تلك الكشوف، وما حملتك في سبيلها من المشقة إلا شعرت بدين جديد لك علي، سأقرأ كثيرا قاموسك الفلسفي، وسأنظر طويلا في الإلهتين الجميلتين الموسومتين على الطابع، ولو غضب الأستاذ عطارد!
وريثما يتسنى لي الشرف بزيارتك قريبا أرجو أن تتكرمي بقبول أصدق العواطف من المخلص.»
أنطون الجميل
الخطاب الثالث
وكان المرحوم أنطون الجميل قد زامل الآنسة مي في الدعوة إلى الاحتفال بالعيد الخمسيني لمجلة المقتطف، وكانا من خطباء هذا الاحتفال الذي أشار إليه في الخطاب السابق الذي يكشف عما يكن لها من حب دفين. ولكن هذا الخطاب الذي بعثه إليها في أكتوبر سنة 1928، وهو واحد من عشرة خطابات يكشف عاطفة ظاهرة متبادلة بينها وبينه وصلت إلى درجة الحب الشاغل، قال:
أيتها العزيزة «ودعتك ليلة سفري، وكانت كلمة وداعك وعدا باللقاء عند عودتي، ولكنك كنت عند عودتي غادرت الإسكندرية إلى مصر. ولما سافرت في آخر الأسبوع الماضي إلى مصر، عرفت أنك مسافرة في اليوم التالي إلى الإسكندرية، وعند رجوعي من الإسكندرية وجدت أنك لا تزالين في مصر، وهكذا شئت أن نلعب
Cache-Cache
بين الإسكندرية ومصر.
ساءني جدا ما أصاب عينك اليمنى، سلمت عيناك اليمنى منهما واليسرى، بل سلمت في كلياتك وجزئياتك. وقد تجدين في هذا الدعاء الخالص، وهذا التمني الصادق، شيئا من الأنانية ما دمت تعتقدين أن الأنانية أساس جميع أعمالنا وعواطفنا، فليكن ذلك، أليس ورم جفنك الذي أخرك عن الكتابة، فحرمني التمتع بكتابك قبل اليوم.»
Halaman tidak diketahui