215

Atheer Ibn Badis

آثار ابن باديس

Penyiasat

عمار طالبي

Penerbit

دار ومكتبة الشركة الجزائرية

Nombor Edisi

الأولى عام ١٣٨٨ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٦٨ ميلادية

Genre-genre

الذي لا يتخلف متعلقه، فما قضاه الله لا بد من كونه. ويكون القضاء بمعنى الأمر والحكم، وهذا هو القضاء الشرعي الذي يمتثله الموفقون ويخالفه المخذولون، والذي في الآية من هذا الثاني. ﴿رَبُّكَ﴾ الرب هو الخالق المدبر المنعم المتفضل. «أن» مصدرية والتقدير بألا تعبدوا إلاَّ إياه، أي بعدم عبادتكم سواه بأن تكون عبادتكم مقصورة عليه. فالعبادة بجميع أنواعها لا تكون إلاَّ له. فذل القلب وخضوعه والشعور بالضعف والإفتقار والطاعة والإنقياد والتضرع والسؤال هذه كلها لا تكون إلا لله. فمن خضع قلبه لمخلوق على أنه يملك ضره أو نفعه فقد عبده. ومن شعر بضعفه وافتقاره أمام مخلوق على أنه يملك إعطاءه أو منعه فقد عبده، ومن ألقى قياده بيد مخلوق يتبعه فيما يأمره وينهاه غير ملتفت إلى أنه من عنده أو من عند الله فقد عبده. ومن توجه لمخلوق فدعاه ليكشف عنه السوء أو يدفع عنه الضر فقد عبده. فالله تعالى يعلم الخلق كلهم في هذه الآية بأنه أمر أمرًا عامًا وحكم حكمًا جازمًا بأن العبادة لا تكون إلا له.
وجيء باسم الرب في مقام الأمر بقصر العبادة عليه تنبيهًا على أن الذي يستحق العبادة هو من له الربوبية بالخلق والتدبير والملك والإنعام، وليس ذلك إلاَّ له، فلا يستحق العبادة بأنواعها سواه. فهو تنبيه بوحدانية الربوبية التي من مقتضاها إنفراده بالخلق، والأمر الكوني والشرعي على وحدانية الألوهية التي من مقتضاها استحقاقه وحده عبادة جميع مخلوقاته. وكما انتظمت هذه الجملة توحيد الربوبية وتوحيد الألوهببة كذلك انتظمت مع الآية السابقة التوحيد العلمي والتوحيد العملي. فالأولى نهي عن أن تعتقد الألوهية لسواه وهو يتضمن النهي عن اعتقاد ربوبية سواه، وهذا من باب العلم. والثانية: أمر بأن تكون عبادتك مقصورة عليه، لأنه هو ربك وحده وهذا من باب العمل. فمن وحَّد الله ﷻ في ربوبيته وألوهيته

1 / 218