At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genre-genre
مَسَائِلُ عَلَى البَابِ
- مَسْأَلَةٌ) مَا حُكْمُ مَنْ خَالَطَتْ نِيَّتَهُ نِيَّةٌ غَيْرُ الرِّيَاءِ؛ كَمَنْ جَاهَدَ مِنْ أَجْلِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وَأَضَافَ لِذَلِكَ المَغْنَمَ، وَكَمَنْ حَجَّ لِأَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ فَرِيْضَةٍ وَأَضَافَ لِذَلِكَ تِجَارَةً دُنْيَوِيَّةً، وَكَمَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَتَوْسِيْعًا فِي رِزْقِهِ وَإِطَالَةِ عُمُرِهِ؟
الجَوَابُ: إِنَّ أَجْرَهُ يَنْقُصُ بِحَسْبِ ذَلِكَ؛ وَلَا يَبْطُلُ، كَمَا فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو مَرْفُوْعًا (مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيْلِ اللهِ فَيُصِيْبُوْنَ الغَنِيْمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الأُجْرَةِ وَيَبْقى لَهُمُ الثُّلْثُ، فَإِنْ لَمْ يُصِيْبُوا غَنِيْمَة تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمُ). (١) (٢)
وَلِأَنَّ اللهَ تَعَالَى رَغَّبَ المُؤْمِنِيْنَ فِي تَقْوَاهُ بِذِكْرِ مَنَافِعَ لَهُم فِي الدُّنْيَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ (الطَّلَاق:٢)، وَكَمَا فِي الحَجِّ ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ (البَقَرَة:١٩٨)، وَكَمَا فِي الحَدِيْثِ المُتَّفقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ مَرْفُوْعًا (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَه فِي رِزْقِهِ وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ). (٣) (٤)
(١) مُسْلِمٌ (١٩٠٦).
(٢) قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀: (التَّاجِرُ وَالمُسْتَأْجَرُ أَجْرُهُم عَلَى قَدْرِ مَا يَخْلُصُ مِنْ نيَّتِهِم فِي غَزَاتِهِم، وَلَا يَكُوْنُ مِثْلَ مَنْ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ لَا يَخْلِطُ بِهِ غَيْرَهُ). جَامِعُ العُلُوْمِ وَالحِكَمِ (٨٢/ ١).
(٣) البُخَارِيُّ (٥٩٨٥)، وَمُسْلِمٌ (٢٥٥٧).
(٤) وَلَكِنَّ هَذَا أَيْضًا لَا يَعْنِي جَوَازَ أَنْ تَكُوْنَ نيَّتُهُ خَالِصَةً لِأَمْرِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ هَذَا مَذْمُوْمٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيْدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيْهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيْدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُوْمًا مَدْحُوْرًا﴾ (الإِسْرَاء:١٨)،
وَكَمَا فِي الحَدِيْثِ (مَنْ غَزَا فِي سَبِيْلِ اللهِ وَلَمْ يَنْوِ إِلَّا عِقَالًا فَلَهُ مَا نَوَى). صَحِيْحٌ. النَّسَائِيُّ (٣١٣٨) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ مَرْفُوْعًا. صَحِيْحُ الجَامِعِ (٦٤٠١).
1 / 312