At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genre-genre
- فِي حَدِيْثِ إِرْسَالِ مُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ بَيَانُ صِحَّةِ العَمَلِ بِخَبَرِ الوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الرَّسُوْلَ ﷺ أَرْسَلَ مُعَاذًا وَحْدَهُ مُبَلِّغًا لِلإِسْلَامِ؛ بَلْ وَلِأَصْلِ الإِسْلَامِ، وَهَذَا الأَصْلُ هُوَ عَقِيْدَةُ التَّوْحِيْدِ، ثُمَّ مَا يَأْتِي بَعْدَهَا مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَمَدُ خَبَرُ الوَاحِدِ فِي العَقَائِدِ؛ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ التَّوَاتُرُ كَمَا تَقُوْلُهُ المُبْتَدِعَةُ. (١)
- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ (أَنَّ مِنْ دَلَائِلِ حُسْنِ التَّوْحِيْدِ كَوْنُهُ تَنْزِيْهًا للهِ عَنِ المَسَبَّةِ): وَذَلِكَ بِكَوْنِ اتِّخَاذِ الشُّرَكَاءِ مَعَ اللهِ تَعَالَى هُوَ تَنَقُّصٌ للهِ تَعَالَى فِي رُبُوْبِيَّتِهِ وَأُلُوْهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.
- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ العَاشِرَةِ (أَنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُها أَوْ يَعْرِفُهَا وَلَا يَعْمَلُ بِهَا): مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (لَا يَعْرِفُها أَوْ يَعْرِفُها): شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَتُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهُ (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، إِذْ لَوْ كَانُوا يَعْرِفُوْنَ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) وَيَعْمَلُوْنَ بِهَا مَا احْتَاجُوا إِلَى الدَّعْوَةِ إِلَيْهَا رُغْمَ أَنَّهُم أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانَ عِنْدَهُم إِيَّاهَا فِيْمَا جَاءَ عَنْ رُسُلِهِم.
- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ (كَشْفُ العَالِمِ الشُّبْهَةَ عَنِ المُتَعَلِّمِ): المُرَادُ بِالشُّبْهَةِ هُنَا: شُبْهَةُ العِلْمِ، وَهِيَ هُنَا الجَهْلُ بِمَصْرِفِ الزَّكَاةِ فِي قَوْلِهِ (صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ)، فَبيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الصَّدَقَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ، وَأَنَّ مَصْرِفَهَا الفُقَرَاءُ.
- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ (مِنْ أَدِلَّةِ التَّوْحِيْدِ مَا جَرَى عَلَى سَيِّدِ المُرْسَلِيْنَ وَسَادَةِ الأَوْلِيَاءِ مِنَ المَشَقَّةِ وَالجُوْعِ وَالوَبَاءِ): قَدْ يَكُوْنَ مُرَادُ المُصَنِّفِ بَيَانُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ - وَهُم سَادَةُ الأَوْلِيَاءِ - قَدْ أَصَابَهُم مِنَ الشِّدَّةِ مَا أَصَابَهُم؛ الأَمْرُ الَّذِيْ يَدُلُّ عَلَى سَفَهِ وَضَلَالِ مَنِ اسْتَغَاثَ بِهِم فِي الشَّدَائِدِ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الضُّرَّ فكَيْفَ يَدْفَعُ عَنْ غَيْرِهِ. (٢)
وَسَيَمُرُّ هَذَا البَيَانُ بِأَطْوَلَ مِنْهُ وَأَوْسَعَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فِي بَابِ (قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿أَيُشْرِكُوْنَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُوْنَ﴾ (الأَعْرَاف:١٩١)، رقم ١٥) مِنْ هَذَا الكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
- فِي شَرْحِ المَسْأَلَةِ الثَّلَاثُوْنَ (الحَلِفُ عَلَى الفُتْيَا): الفَائِدَةُ مِنَ الحَلِفِ هِيَ تَوْكِيْدُ الكَلَامِ، وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي الحَلِفُ عَلَى الفُتْيَا إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَفَائِدَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ (المَائِدَة:٨٩).
_________
(١) هُمْ مُبْتدِعَةٌ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُم أَصَّلُوا أَصْلًا فِي عَقِيْدَتِهِم لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيْلٌ شَرْعِيٌّ، بَلْ وَالعَجَبُ مِنْهُم أَنَّهُم يَشْتَرِطُوْنَ فِي عَقِيْدَتِهِم أَنْ تَكُوْنَ مَبْنِيَّةً عَلَى القُرْآنِ وَالحَدِيْثِ المُتَوَاتِرِ فَقَط، وَهُمْ فِي ذَلِكَ قَدْ أَصَّلُوا أَصْلَهُم هَذَا - الَّذِيْ جَعَلُوْهُ قَاعِدَةَ التَّمْيِيْزِ بَيْنَ مَا يُقْبَلُ وَمَا يُرَدُّ - بِمَا لَمْ يَأْتِ أَصْلًا لَا فِي الكِتَابِ، وَلَا فِي السُّنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ أَوِ الآحَادِ، وَلَا حَتَّى فِي حَدِيْثٍ ضَعِيْفٍ!
وَالشَّافِعِيُّ ﵀ عَقَدَ فِي كِتَابِهِ الجَلِيْلِ (الرِّسَالَةُ) (ص٤٠١) بَابًا هُوَ (حُجِّيَّةُ تَثْبِيْتِ خَبَرِ الوَاحِدِ) وَاحْتَجَّ فِيْهِ بِحَدِيْثِ مُعَاذٍ السَّابِقِ فِي البَابِ.
(٢) وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِيْن ﵀ فِي كِتَابِهِ (القَوْلُ المُفِيْدُ) (١٤٢/ ١): (الظَّاهِرُ أَنَّ المُؤَلِّفَ ﵀ يُرِيْدُ الإِشَارَةَ إِلَى قِصَّةِ خَيْبَر، إِذْ وَقَعَ فِيْهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ جُوْعٌ عَظِيْمٌ، حَتَّى أَنَّهُم أَكَلُوا لَحْمَ الحَمِيْرِ وَالثُّوْمِ، وَأَمَّا الوَبَاءُ، فَهُوَ مَا وَقَعَ مِنْ رَمَدِ عَيْنِ عَلِيٍّ ﵁، وَأَمَّا المَشَقَّةُ، فَظَاهِرَةٌ.
وَوَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّةِ التَّوْحِيْدِ: أَنَّ الصَّبْرَ وَالتَّحَمُّلَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأُمُوْرِ يَدُلُّ عَلَى إِخْلَاصِ الإِنْسَانِ فِي تَوْحِيْدِهِ وَأَنَّ قَصْدَه اللهُ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ صَبَرَ عَلَى البَلَاءِ).
1 / 31