At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genre-genre
- فَائِدَة ١) مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا العَصْرِ بِوُضُوْحٍ - مَعَ غَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهُ - مَا يَكْثُرُ فِي المَجَلَّاتِ وَيُسَمُّوْنَه الأَبْرَاجَ، وَيَجْعَلُوْنَ أَمَامَ كُلِّ بُرْجٍ مَا سَيَحْصُلُ فِيْهِ، فَإِذَا كَانَ المَرْءُ مَوْلُوْدًا فِي ذَلِكَ البُرْجِ فَإِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ لَهُ: (سَيَحْصُلُ لَكَ فِي هَذَا الشَّهْرِ كَذَا وَكَذَا). (١)
وَهَذَا هُوَ التَّنْجِيْمِ الَّذِيْ هُوَ ادِّعَاءُ التَأْثِيْرِ، وَالاسْتِدْلَالُ بِالنُّجُوْمِ وَالبُرُوْجِ عَلَى التَّأْثِيْرِ فِي الأَرْضِ وَعَلَى مَا سَيَحْصُلُ فِيْهَا هُوَ نَوْعٌ مِنَ الكِهَانَةِ، وَوُجُوْدُهُ فِي المَجَلَّاتِ وَالجَرَائِدِ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ هُوَ وُجُوْدٌ لِلكُهَّانِ فِيْهَا، فَهَذَا يَجِبُ إِنْكَارُهُ إِنْكَارًا لِلشِّرْكِ، وَلِادِّعَاءِ مَعْرِفَةِ الغَيْبِ، وَلِأَنَّ التَّنْجِيْمَ مِنَ السِّحْرِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَيَجِبُ إِنْكَارُهُ عَلَى كُلِّ صَعِيْدٍ. (٢)
- فَائِدَة ٢) الَّذِيْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الاسْتِدْلَالِ بِالنُّجُوْمِ عَلَى الزَّمانِ وَالمَكَانِ إِنَّمَا هُوَ مَنْ تَوَفَّرَ فِيْهِ شَرْطَانِ:
١) أَنْ يَكُوْنَ صَاحِبَ خِبْرَةٍ فِي ذَلِكَ.
٢) أَنْ يَكُوْنَ مُؤْتَمَنًا فِي دِيْنِهِ، حَرِيْصًا عَلَى أَمْرِ شَرِيْعَتِهِ. (٣)
(١) قَالَ الشَّيْخُ مُلَّا عَلِي القَارِيِّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (مِرْقَاةُ المَفَاتِيْحِ) (٢٩١١/ ٧): (وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُوْنَا عَنْ مَوْلُوْدَيْنِ وُلِدَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؛ أَلَيْسَ يَجِبُ تَسَاوِيْهِمَا فِي كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلَا تَمْيِيْزَ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَةِ وَالقَدِّ وَالمَنْظَرِ؛ وَحَتَّى لَا يُصِيْبَ أَحَدًا نَكْبَةٌ إِلَّا أَصَابَ الآخَرَ، وَحَتَّى لَا يَفْعَلَ هَذَا شَيْئًا إِلَّا وَالآخَرَ يَفْعَلُ مِثْلَهُ، وَلَيْسَ فِي العَالَمِ اثْنَانِ هَذَا صِفَتُهُمَا).
(٢) وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يُدْخِلَهُ بَيْتَهُ، وَأَنْ لَا يَقْرَأَهُ وَلَا يطَّلِعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي النَّهْي مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَتَى إِلَى الكَاهِنِ غَيْرَ مُنْكِرٍ لَهُ.
وَعَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ لَا يُؤَثِّمَ نَفْسَهُ وَلَا مَنْ فِي بَيْتِهِ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ مِنَ الجَرَائِدِ الَّتِيْ فِيْهَا ذَلِكَ إِلَى البُيُوْتِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ إِدْخَالٌ لِلْكَهَنَةِ إِلَى البُيُوْتِ، وَهَذَا - وَالعِيَاذُ بِاللهِ - مِنَ الكَبَائِرِ.
(٣) قَالَ الخَطَّابِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (مَعَالِمُ السُّنَنِ) (٢٣٠/ ٤): (وَأَمَّا مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ مِنْ جِهَةِ النُّجُوْمِ عَلَى جِهَةِ القِبْلَةِ؛ فَإِنَّمَا هِيَ كَوَاكِبُ رَصَدَهَا أَهْلُ الخِبْرَةِ بِهَا مِنَ الأَئِمَّةِ - الَّذِيْنَ لَا نَشُكُّ فِي عِنَايَتِهِم بِأَمْرِ الدِّيْنِ وَمَعْرِفَتِهِم بِهَا وَصِدْقِهِم فِيْمَا أَخْبَرُوا بِهِ عَنْهَا - مِثْلَ أَنْ يُشَاهِدُوْهَا بِحَضْرَةِ الكَعْبَةِ وَيُشَاهِدُوْهَا فِي حَالِ الغَيْبَةِ عَنْهَا، فَكَانَ إِدْرَاكُهُم الدِّلَالَةَ عَنْهَا بِالمُعَايَنَةِ، وَإِدْرَاكُنَا لِذَلِكَ (هُوَ) بِقَبُوْلِنَا لِخَبَرِهِم - إِذْ كَانُوا غَيْرَ مُتَّهَمِيْنَ فِي دِيْنِهِم وَلَا مُقَصِّرِيْنَ فِي مَعْرِفَتِهِم -).
1 / 272