At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genre-genre
- عِلَاجُ الطِّيَرَةِ ثَلَاثَةُ أُمُوْرٍ (١):
١) التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ ﷾، وَاسْتِحْضَارُ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالخَيْرِ وَلَا يَدْفَعُ الشَّرَّ إِلَّا هُوَ ﷾.
٢) أَنْ يَمْضِيَ المَرْءُ فِي حَاجَتِهِ الَّتِيْ أَرَادَهَا، وَلَا يَرْجِعَ عَنْهَا بِسَبَبِ الطِّيَرَةِ.
٣) الدُّعَاءُ، وَمِنْهُ (اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ). (٢)
- قَوْلُهُ (وَلَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ): يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا - وَكُلُّهَا صَحِيْحَةٌ قَرِيْبَةٌ -:
أ) أَنَّهُ لَا يَحْدُثُ إِلَّا قَضَاؤُكَ الَّذِيْ قَضَيْتَهُ، فَعِلْمُ المُغَيَّبَاتِ إِنَّمَا هُوَ للهِ ﷿، وَهَذَا الدُّعَاءُ كَفَّارَةٌ لِمَنْ وَقَعَ فِي الطِّيَرَةِ.
ب) أَنَّ المُرَادَ بِالطَّيْرِ هُنَا مَا يَتَشَاءَمُ بِهِ الإِنْسَانُ، فَكُلُّ مَا يَحْدُثُ لِلإِنْسانِ مِنَ التَّشَاؤمِ وَالحَوَادِثِ المَكْرُوْهَةِ؛ فَإِنَّهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى كَمَا أَنَّ الخَيْرَ مِنْهُ أَيْضًا سُبْحَانَه، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَا إِنَّمَا طَائُرُهْم عِندَ اللهِ﴾ (الأَعْرَاف:١٣١).
ج) أَنَّ الطُّيُوْرَ كُلُّهَا مِلْكُكَ، فَهِي لَا تَفْعَلُ شَيْئًا، وَإنَّمَا هِيَ مُسَخَّرَةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُوْنَ﴾ (النَّحْل:٧٩).
فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ بِإِذْنِ اللهِ، وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِيْ يُدَبِّرُهَا وَيُصَرِّفُهَا وَيُسَخِّرُهَا تَذْهَبُ يَمِيْنًا وَشِمَالًا، وَلَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالحَوَادِثِ. (٣)
- قَوْلُهُ (إِنَّمَا الطِّيَرَةُ مَا أَمْضَاكَ أَوْ رَدَّكَ): فِيْهِ بَيَانُ أَنَّ المَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ مَا أثَّرَ فِي إِتْمَامِ أَمْرِكَ أَوِ الانْصِرَافِ عَنْهُ، وَفِي الحَدِيْثِ (لَنْ يَلِجَ الدَّرَجَاتِ العُلَى مَنْ تَكَهَّنَ أَوِ اسْتَقْسَمَ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ تَطَيُّرًا). (٤)
(١) (إِعَانَةُ المُسْتَفِيْدِ) (١٧/ ٢) لِلشَّيْخِ الفَوْزَانِ حَفِظَهُ اللهُ مُخْتَصَرًا.
(٢) قُلْتُ: هَذَا - وَإِنْ كَانَ الحَدِيْثُ ضَعِيْفًا - فَلَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ بِهِ مِنْ بَابِ عُمُوْمِ الدُّعَاءِ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ، لَا مِنْ بَابِ كَوْنِهِ سُنَّةً نَبَوِيَّةً. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(٣) وَكَمَا سَبَقَ فِي الحَدِيْثِ لَفْظُ (الطَّيْرُ تَجْرِي بِقَدَرٍ). صَحِيْحٌ. أَحْمَدُ (٢٤٩٨٢) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (٨٦٠).
(٤) صَحِيْحٌ. مُسْنَدُ الشَّامِيِّيْنَ لِلطَّبَرَانِيِّ (٢١٠٤) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوْعًا. الصَّحِيْحَةُ (٢١٦١).
1 / 255