At-Tawdih ar-Rashid fi Sharh at-Tawhid
التوضيح الرشيد في شرح التوحيد
Genre-genre
- الإِطْرَاءُ: هُوَ مُجَاوَزَةُ الحَدِّ فِي المَدْحِ، وَالكَذِبُ فِيْهِ. (١)
- النَّصَارَى: المُرَادُ بِهِم أَتْبَاعُ عِيْسَى، قِيْلَ: سُمُّوا نَصَارَى نِسْبَةً إِلَى بَلَدٍ وَهِيَ (النَّاصِرَةُ) فِي فِلَسْطِيْن، أَوْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قَالَ الحَوَارِيُّوْنَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللهِ﴾ (الصَّف:١٤). (٢)
- حَدِيْثُ (إِيَّاكُمْ وَالغُلُوّ): تَمَامُهُ هُوَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ - غَدَاةَ العَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ -: (هَاتِ القُطْ لِي). فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ - هُنَّ حَصَى الخَذْفِ -، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِى يَدِهِ قَالَ: (بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الغُلُوُّ فِى الدِّينِ).
وَفِيْهِ بَيَانُ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى المَشْرُوْعِ وَمُجَاوَزَةَ الحَدِّ يَكُوْنُ غُلُوًّا، وَأَنَّ الأَصْلَ هُوَ الْتِزَامُ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُوْنَ بَصِيْرٌ﴾ (هُوْد:١١٢). فَأَمَرَ بِلُزُوْمِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُوْنَ؛ دُوْنَ أَنْ يَتَجَاوَزُوا ذَلِكَ. (٣)
- قَوْلُهُ (هَلَكَ المُتَنَطِّعُوْنَ): أَيْ: المُتَعَمِّقُوْنَ الغَالُوْنَ المُجَاوِزُوْنَ الحُدُوْدَ فِي أَقْوَالِهِم وَأَفْعَالِهِم. (٤)
(١) قَالَهُ فِي لِسَانِ العَرَبِ (٦/ ١٥).
(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيْرِ (٤٧٩/ ٢): (وَالنَّصَارَى - عَلَيْهِمْ لَعَائِن الله - مِنْ جَهْلهمْ؛ لَيْسَ لَهُمْ ضَابِطٌ وَلَا لِكُفْرِهِمْ حَدٌّ، بَلْ أَقْوَالُهُمْ وَضَلَالُهُمْ مُنْتَشِرٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُهُ إِلَهًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُهُ شَرِيْكًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدُهُ وَلَدًا، وَهُمْ طَوَائِفُ كَثِيْرَةٌ لَهُمْ آرَاءٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَقْوَالٌ غَيْرُ مُؤْتَلِفَةٍ.
وَلَقَدْ أَحْسَنَ بَعْض المُتَكَلِّمِيْنَ حَيْثُ قَالَ: لَوْ اجْتَمَعَ عَشَرَةٌ مِنَ النَّصَارَى لَافْتَرَقُوا عَنْ أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا.
وَلَقَدْ ذَكَرَ بَعْض عُلَمَائِهِمُ المَشَاهِيْرُ عِنْدَهُمْ - وَهُوَ سَعِيْدُ بْنُ بِطْرِيق؛ بَتْركُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ - فِي حُدُوْدِ سَنَةِ أَرْبَعمِائَةٍ مِنَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ؛ أَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا المَجْمَعَ الكَبِيْرَ الَّذِيْ عَقَدُوا فِيْهِ الأَمَانَةَ الكَبِيْرَةَ الَّتِيْ لَهُمْ - وَإِنَّمَا هِيَ الخِيَانَةُ الحَقِيْرَةُ الصَّغِيْرَةُ - وَذَلِكَ فِي أَيَّام قُسْطَنْطِين - بَانِي المَدِيْنَةِ المَشْهُوْرَةِ - وَأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ اخْتِلَافًا لَا يَنْضَبِطُ وَلَا يَنْحَصِرُ، فَكَانُوا أَزْيَدَ مِنْ أَلْفَيْنِ أُسْقُفًا، فَكَانُوا أَحْزَابًا كَثِيْرَةً، كُلُّ خَمْسِيْنَ مِنْهُمْ عَلَى مَقَالَةٍ، وَعِشْرُوْنَ عَلَى مَقَالَةٍ، وَمِائَةٍ عَلَى مَقَالَةٍ، وَسَبْعُوْنَ عَلَى مَقَالَةٍ، وَأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنْقَصَ.
فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ عِصَابَةً قَدْ زَادُوا عَلَى الثَّلَاثِمَائَةِ بِثِمَانِيَةَ عَشَرَ نَفَرًا- وَقَدْ تَوَافَقُوا عَلَى مَقَالَةٍ - فَأَخَذَهَا المَلِكُ وَنَصَرَهَا وَأَيَّدَهَا - وَكَانَ فَيْلَسُوْفًا دَاهِيَةً - وَمَحَقَ مَا عَدَاهَا مِنَ الأَقْوَال).
(٣) قَالَ البَغَوِيُّ ﵀ فِي التَّفْسِيْرِ (٢٠٣/ ٤): (﴿وَلَا تَطْغَوْا﴾ لَا تَجَاوَزُوا أَمْرِيْ وَلَا تَعْصُوْنِي، وَقِيْلَ: مَعْنَاهُ وَلَا تَغْلُوا فَتَزِيْدُوا عَلَى مَا أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ).
(٤) قَالَهُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (٢٢٠/ ١٦)، وَقَدْ جَعَلَ التَّنَطُّعَ مُتَنَاوِلًا لِلأَفْعَالِ؛ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ الخَطَّابيُّ ﵀ حَيْثُ خَصَّهُ بِالكَلَامِ فَقَط.
1 / 145