Rahsia Istana: Politik, Sejarah, Cinta, Sastera
أسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية
Genre-genre
ولم يكن مدعوا إلى تلك النزهة إلا نعمت هانم، فخرجن إلى البستان، وجلست السراري والجواري على شكل دائرة منتظمة، ولما كانت مهرى قد امتازت عنهن بمعرفة ضرب القيثارة وبالصوت الرخيم طلبن إليها جميعا أن تطربهن.
وكانت جميع السلطانات في جهة أخرى من البستان يفرق بينهن وبين السراري فرقة من الخصيان. فلما فرغت مهرى من توقيع ألحانها صفقن لها وامتدحنها، واغتنمت نعمت هانم الفرصة فتقدمت إليها، وأطنبت في الثناء عليها، ثم أخذتها بيدها ممازحة، وساقت الحديث إلى صديقتها عائشة، فأجابتها مهرى بكل صراحة وحرية ضمير على ما تريد، لكن لم تلبث طويلا حتى صمتت ولم تنبس ببنت شفة. فقالت لها نعمت هانم: لم هذا الصمت يا حبيبتي؟ وأنت تعلمين بأن ابني هائم بحب تلك الفتاة، ويريدها زوجة له، أيوجد سر غامض في ذلك البيت؟
فأجابت مهرى متنهدة: نعم. - أرجوك إذن يجب إطلاعي عليه؛ نعم، إن ابني لا يهمك أمره، ولكن لي الأمل ألا تخيبي رجاء والدة ابنها هو وحيدها وفلذة كبدها، فأستحلفك بحرمة والدتك ألا تخفي عني شيئا؛ لأن عليها تتوقف سعادة صلاح الدين، وعليه تتوقف سعادتي وحياتي. - لا أعرف لي أما، فإننا نحن الشركسيات لا نعرف لحب العائلات والوالدات معنى، وأرجوك أن لا تلحي علي بالأسئلة؛ إذ لا يمكنني الجواب.
فصمتت نعمت هانم برهة حزينة كئيبة، وقد أثر فيها الكلام، فقالت لها مهرى: لا غرو أن أدهشك كلامي، ولكن متى علم السبب بطل العجب: إني غائرة من عائشة. - كيف ذلك؟ إذن أنت تحبين أيضا صلاح الدين. - لا كنت قد أحببته قبلا، وأما الآن فقد تخليت عنه لعائشة وحدها، وخلفه في قلبي آخر لا أبدله بأحد في العالمين وروحي وحياتي فداه. - أتحب عائشة يا ترى ذلك الآخر؟ - كلا هي لا تحبه ... وإنما قد استلفتت أنظاره، وهذا كاف لإيقاد نيران غيرتي؛ لأنها متى عرفته لا تستطيع الثبات أمامه. - إذن يوجد طريقة سهلة للتخلص منها، وهي أن يتزوج صلاح الدين بها، فيخلو لك الجو وحدك. - لا ... يجب تأجيل هذه الزيجة إلى أجل ما؛ حبا بصالح عائشة وصالحي. - هذا لغز معمي يعسر علي حله ... ولكن من يقدر يا ترى على معاكسة هذا الاقتران؟! - أنا ...
فكادت نعمت هانم تتميز غيظا من هذه القحة، فصاحت بمهرى يظهر أنك قد نسيت كونك جارية، فتجاسرت على مثل هذا الكلام، ثم ذهبت إلى صديقتها الباش قادين وقصت عليها الحديث، وقالت لها: تحذري من هذه الفتاة. - خففي عنك، فإني سأعيد إليها صوابها ... ولكن اغتنمي الآن فرصة وجودك، فسيري إلى البستان المحاذي الخاص بعائشة هانم، واستخبري عما تريدين منها رأسا ... إذ لا أخالها تخفي على والدة محبها شيئا.
فقامت نعمت هانم للحال مسرعة إلى البستان فدخلته، فلم تجد إلا جارية سوداء وبعض السيدات يتنزهن، فسألتها: من هي صاحبة البستان من الخواتين؟ - لا نعلم، فلم نجد فيه أحدا لما دخلناه.
فرأت نعمت هانم بيتا صغيرا في آخر البستان، فقصدته، وقرعت الباب فوجدته موصدا، فعادت بخفي حنين.
وإذا بها التقت برجل طاعن في السن يظهر عليه من ملابسه أنه أحد الخدم، فسألها: ماذا تريدين هانم أفندي؟ - كنت أرغب في مقابلة عائشة هانم.
فنظر إليها الخادم نظرة المرتاب، وقال لها: لعلك تكونين من السراي؟ - كلا، لست إلا زائرة، وأنا مقيمة في «أورطه كي». - أأنت والدة صلاح الدين؟ - نعم، أنا نعمت هانم. - بارك الله فيك ... خرجت مولاتي هانم أفندي ووالدتها هذا الصباح، ولا يرجعان إلا بعد خمسة عشر يوما. - جزيت خيرا. - أرجوك أن تخبري صلاح الدين بك بذلك. - لا بد ... ولكن هل لك أن تفيدني عن سبب هذا التغيب؟ - لا أعلم.
فعادت نعمت هانم إلى السراي فوجدت الجميع في لهو وزهو ورقص وطرب.
Halaman tidak diketahui