Arnab Keluar dari Topi
الأرنب خارج القبعة
Genre-genre
Another Earth »، منتظرا تذكرة للسفر إلى كوكب آخر، أقرأ إعلانا على الإنترنت، عن حاجتهم لمتطوعين يقضون ما تبقى من حياتهم في المريخ. أفكر في الأمر بجدية، أسأل، أبحث عن استمارات لأملأها. أفكر في الوصول، هل تكون الإجابة هناك؟
8
تتعدد الطرق، ووسائل السير، من قارب إلى سفينة، من حمار لدراجة، لسيارة، من قطار إلى حافلة، إلى باص، إلى ميكروباص، إلى طائرة؛ متنقلا من بيت إلى بيت، من مدينة إلى مدينة، من دولة إلى دولة، باحثا عن إجابة سؤال الوصول، كقصص حب لا نعرف نهايتها، ونخشى منها، كمريض في سرير المرض لا يتحدث عن الغد. أفتح نافذة البيت الجانبية، فأرى جنازة مارة، كلما فتحت النافذة رأيت موتى، أحياء يشيعون ميتا وهم يهرولون خلف نعشه الذي خذلهم فلم يطر، وهم يهللون، وموتى يشيعون حيا عائدا لتوه من القبر. كان طريق المقابر هو الوحيد الذي لم أكن أرى نهايته من نافذتي، لكنه الوحيد الذي أعرف إلى أين ينتهي، الوحيد الذي أعرف نهايته الحقة، الوحيد الذي يضمن فيه المسافر أنه سيصل. أتابع الجنازة بعيني حتى تختفي، مثل قطرات زيت في مصفاة، فوق نار مشتعلة، مثل قطرات ندى فوق نافذة تتبخر مع ظهور الشمس، لكنني رغم ذلك أتابعهم بعيني، فربما أصل هذه المرة.
ثماني نصائح للغريب حتى يعود
وأنت تحزم حقيبتك للمرة الأولى، وأنت تضع فيها معجون الأسنان وديوان «سأم باريس» لشارل بودلير وصورا قديمة تحب أن تصحبها معك، تذكر أنك ستعود مرة أخرى، تذكر هؤلاء الذين سافروا قبل أكثر من أربعين عاما، وكل ما يريدونه الآن هو أن يعودوا ليدفنوا في أرض يعرفونها، رغم أنه لا فارق لدى الميت في ذلك؛ هل لأن الغريب هو الميت، والميت في بلاده حي؟ لا أعرف، لكن ما أعرفه هو أنه يجب أن تحافظ دوما على كونك غريبا، كي تستطيع أن تعود ذات يوم، كي يكون لديك أمل بعيد المنال لكنه قائم، وربما كي تحافظ على كونك حيا. (1) حافظ على غربتك
كن غريبا كي ترى وطنك في كل مكان. حافظ على لهجتك؛ حتى تتذكر موطنك عندما تسمع اللهجات الأخرى، وحتى تذكر من يسمع بنفسك، فيسألك «من أي البلاد أنت؟» لا تعقد صداقات مع الشوارع، لا تحفظ أسماءها، لا تتعرف على البنايات. كن ذلك الغريب الذي يسأل دوما عن العنوان، فيدله غرباء آخرون على المكان الخطأ، فيعود ليسأل مجددا، سعيدا بغربته، كطفل مولود لتوه، يتأمل وجوه من حوله في دهشة ويصرخ. (2) لا تصنع ذكريات
عندما تتعود على إشارة مرور ستصبح صديقتك؛ تحييها إذا مررت من أمامها كل يوم، تنتظر أوبتك من العمل لتلقي عليها تحية المساء. إذا حفظت شارعا، إذا راقبت كلبا يمر من هناك كل يوم، إذا وضعت حبا لحمام في نافذة غرفتك يوميا، إذا استنشقت هواء البحر وأردت أن تزوره مرة أخرى، فأنت لم تعد غريبا، أصبحت صاحب مكان، لديك حكايات وأصدقاء تشتاق إليهم. في هذه الحالة، ستكون قد كسرت الحاجز الفاصل بينك وبين المدينة التي تسكنها، سيعبر أحدكما إلى الآخر، وعندها ستذوب غربتك. (3) اسمع أم كلثوم
ليس لأن أم كلثوم تغني للحب؛ بل لأن ثمة وطنا يسكن في صوتها. اسمعها ليلا وأنت عائد في السيارة إلى بيتك، أنصت إلى المساحات الشاسعة في صوتها وتخيل نفسك طفلا يجري سعيدا في حقل قمح. عندما تستمع إلى الآهات كن هناك ، في المسافة ما بين انطلاق الآهة ونهايتها، وارو كل همومك. فتش عن الأصوات الخلفية في الحفل، الرجل الذي يقول «عظمة على عظمة يا ست»، أو التصفيق الحاد، أو صرخة معجب لم تكتمل بسبب وجع الشوق أو بعد أجهزة التسجيل. تخيل نفسك هناك، وسط هؤلاء الأشخاص الذين ينصتون إليها، مبتسما، ضاحكا، لا تشعر بالغربة، وحيدا كأنك الكل، تصفق في سعادة. (4) لا تنس المقهى
المقهى هو الوطن؛ الوطن هو ضجيج المقهى، اصطدام الملعقة داخل كوب الشاي أثناء تقليبه، نداء النادل وهو يسير بجلبابه الواسع، صداماته مع الزبائن، صوت إغلاق لعبة الطاولة مع ضحكات الفائز وغضب المهزوم، وقفة زبون مع صاحب المقهى ليعيد معه حساب عدد المشروبات، انتظارك صديقا أو انتظار صديق لك، الرجل الذي يجلس في الركن دائما لا يفعل شيئا إلا أن يقرأ الجريدة، السيدة التي تحضر عصر كل يوم لتطعم القطط الجائعة، باعة المناديل ومندوبو المبيعات، الجير المتساقط من الحائط وكتابة غير ظاهرة بطباشير قديم، صوت المارة في الشارع الذين يهرولون دائما كأنهم ذاهبون إلى موعدهم الأخير. المقهى هو تفاصيل الوطن، فلا تنسه، ولا تصادق مقهى آخر. ربما من الأفضل أن تتعرف على الأنواع الأخرى من المقاهي؛ حتى لا تنفك تذكرك بوطنك. (5) فتش عن وطنك
عن المطاعم التي تقدم وجباته، عن المقاهي التي تحمل اسمه، تابع قناة تعرض الأفلام الأبيض والأسود القديمة؛ فستسقيك ما تريد من الحنين. اضحك مرة أخرى على «غزل البنات» و«المليونير» و«سكر هانم» حتى لو شاهدتها كل يوم. لا تتابع الأخبار السياسية أو تتناقش فيها. فتش عن لهجتك في الشارع، قف في محطة الباص بجوارها، وأنصت إليها. غص في الحروف والتفاصيل، تعلق بالضحكات والحروف المترابطة. ابحث عن شوارع تحمل اسم رموز تاريخية في بلادك، واقطع الشارع من أوله إلى آخره بحثا عن معلم آخر، فإذا لم تجد، فلا تيأس، كرر البحث. اشترك في منتديات الإنترنت والتواصل الاجتماعي؛ لا تعلق ولا تتدخل ولا تناقش. أنت لست في حاجة إلى التورط، أنت في حاجة فقط إلى المراقبة وإنعام النظر، وصيد المشاعر الطائرة والفائرة. (6) صادق الغرباء
Halaman tidak diketahui