وسرى الدم الجديد.
وتقاربنا حول الفراش نرقب النتيجة، ونخفي وجلنا ونحن نرقب رجلنا، وهو يئن بلا فم، ويتلوى ويرفع ساقه ويدفعها، وتنقبض أيديه وتنبسط بقوة، وجسده يصارع النزيف الداخلي.
وهدأ الجسد بعد هنيهة، واستمر الأنين الخافت المتواصل؛ الأنين الذي يثير فيك كامن أشجانك، فتذكر كل ما مر بحياتك من أحزان، وتبكي على كل من مات.
وحدسنا أن الأزمة قد مرت، والدم الأخير قد أفلح.
ولكن كان الهدوء الذي ساد جسده لا يطمئن، وكانت الخرخشة التي في صدره تزداد، حتى أصبحت كأصوات المنشار، وهو يغور في الخشب.
وكانت الساعة تبتعد عن الثالثة.
وفجأة توقفت أنفاسه، واشرأبت أعناقنا، ولكنه عاد يفتح شفتيه؛ ليبصق ملء فمه، دما أحمر، نفس الدم الذي كان منذ هنيهة في الزجاجة.
واحمر القطن من جديد وهو ينضح الدم.
وتباعدت أجفانه التي كانت مسدلة من أمد بعيد، وسقط الضوء على عينيه، وهما تحدقان في لا شيء، وتحدقان في ضعف، وكأنهما لا تريان شيئا، تباعدت أجفانه، وانساب من حلقه صوت لا يكاد يسمع، وهمس: ميه، عطشان.
وبللت فمه بالماء، بل أقول الحق جعلته يرتشف ما شاء من كوب الماء المثلج الذي أحضرته له.
Halaman tidak diketahui