Malam yang Paling Murah

Yusuf Idris d. 1412 AH
51

Malam yang Paling Murah

أرخص ليالي

Genre-genre

ولم يكن هذا أول دم أراه، كانت رائحة الدم تملأ أنفي دائما منذ أن عملت في الاستقبال، الرائحة التي لها دفئه، الدفء الخانق القابض، والتي تلمح خلالها زفارة كعفن الموت، الرائحة التي تذكرك بالمذبوحين والمبقورين، ومن في صدورهم سل.

ولكن في تلك الليلة، كنت كلما رأيت دم الجريح المغتال يجف فوق يدي، وينكمش حين يجف، كلما أوغلت في تأملي للجريح الذي لا بد كان رجلا ككل الرجال، نمى من طمي وادينا، ومضغ قمحنا، وارتدى قطننا، وصنعت أذرتنا خلاياه.

وكلما أوغلت في تأملي، كلما همت أستعيد ما فات، وأرى الأجداد والآباء، والشهداء الذين لهم أسماء فوق الرخام، والشهداء الذين بلا أسماء ولا رخام، وأرى الناس ونفسي، وكل من له عرق، وكل من له خال، وكل أولئك القانعين بالألم.

أهيم، ثم أعود إلى يدي التي فوق صدر الجريح، إلى الأصابع التي تحاول عبثا أن تمنع موتا جديدا، وأي موت؟

عدت مرة لأجد اللاصق الذي وضعته قد انتزعه الدم الساخن المتصاعد، والنافورة قد بدأت.

وضغطت يدي، وأجلت بصري أراقب بقايا الزجاجة الخامسة من الدم، وهي تسيل من الجهاز إلى شرايين الجريح، وتدفعها الشرايين إلى الثقب الذي ما كانت يدي تستطيع أن تفلح في سده، وينتهي الدم إلى خيط النقط الغليظ، وهي تتساقط على أرض الحجرة الصلبة.

وفرغ كل ما في المستشفى من دماء صالحة.

ولم يفرغ الدم المنبثق.

وكنت وزميل جاء يساعدني تتقابل نظراتنا، ثم تتباعد لتغيب عقولنا.

وكان لا بد من دم آخر.

Halaman tidak diketahui