Arbain Hadithan
الاربعون حديثا
Genre-genre
الاربعون حديثا :121
وقال الله تعالى : «... ولنعم دار المتقين» (1) وهي دار الدنيا حسب ما ورد في تفسير العياشي عن الامام الباقر عليه السلام . وعليه ، فان عالم الملك ، وهو مظهر الجمال والجلال وحضرة الشهادة المطلقة ، ليس مذموما بهذا المعنى ، بل المذموم هو دنيا الانسان نفسه ، اي التوجه اليها والتعلق بها وحبها ، وهذا هو منشأ كل المفاسد والخطايا القلبية والظاهرية .
كما جاء في كتاب الكافي الشريف عن الامام الصادق عليه السلام : قال عليه السلام : «راس كل خطيئة حب الدنيا» (2) .
وعن ابي جعفر الباقر عليه السلام قال : «ما ذئبان ضاريان في غنم ليس لها راع هذا في اولها وهذا في آخرها باسرع فيها من حب المال والشرف في دين المؤمن» (3) .
فتعلق القلب بالدنيا وحبها ، هو الدنيا المذمومة . وكلما كان التعلق بها اشد كان الحجاب بين الانسان ودار الكرامة ، والحاجز بين القلب والحق سبحانه ، اسمك واغلظ . وان ما جاء في الاحاديث الشريفة من ان لله سبعين الف حجاب من النور والظلمة ، يمكن ان يكون المقصود من حجب الظلمة هذه الميول والتعلقات القلبية نحو الدنيا . فكما كان التعلق بالدنيا اقوى ، كان عدد الحجب اكثر ، وكلما كان الحب لها اشد ، كانت الحجب اغلظ واختراقها اصعب .
فصل: في بيان سبب ازدياد حب الدنيا
اعلم انه ولما كان الانسان وليده هذه الدنيا الطبيعية ، وهي امه ، وهو ابن هذا الماء والتراب ، فان حب الدنيا يكون مغروسا في قلبه منذ مطلع نشوئه ونموه ، وكلما كبر في العمر ، كبر هذا الحب في قلبه ونما . وبما وهبه الله من القوى الشهوانية ووسائل التلذذ للحفاظ على ذاته وعلى البشرية ، يزداد حبه ويقوى تعلقه ، ويظن ان الدنيا انما هي دار اللذات واشباع الرغبات ، ويرى في الموت قاطعا لتلك اللذات ، وحتى لو كان يعرف من ادلة الحكماء او اخبار الانبياء صلوات الله عليهم ان هناك عالما اخرويا فان قلبه يبقى غافلا عن كيفية عالم الآخرة وحالاته وكمالاته ولا يتقبله ، فضلا عن بلوغه مقام الاطمئنان . ولهذا يزداد حبه وتعلقه بهذه الدنيا .
وبما ان حب البقاء فطري في الانسان ، فهو يكره الزوال والفناء ، ويظن ان الموت ، الاربعون حديثا :122
Halaman 121