Lebih Kuat Daripada Cinta
أقوى من الحب
Genre-genre
ومد يده ليصافح الثانية، والتقت عيناه بعينيها في نظرة عميقة، نظرة لا ينساها إلى اليوم، لم تثر هذه النظرة في ذهنه إذ ذاك شيئا، لقد كانت نظرة التعارف بين غريبين ربطتهما الأقدار برباط النسب، وجلسوا إلى المائدة، ورفع بصره أكثر من مرة إلى وجه سهام، ولشد ما أدهشه أن وجد نفسه كأنما يعرف هذا الوجه من زمن بعيد، وقبل أن يغادر المائدة داعبه خاطر سرعان ما طرده، إن وجه سهام يوشك أن يكون مألوفا لديه أكثر من وجه زوجته!
ومضى اليوم إلى نهايته، وكان كل شيء طبيعيا، جاء زوج سهام وشاركهما السهرة في السينما، وتحدث كثيرا وذكرا أيام الدراسة، إنه لا يدري لم أحس بكراهية هذا الشاب، وفاضت نفسه ضيقا بحديثه، وانتهت السهرة، وآوى إلى فراشه لينام، فخطرت له أول الأمر ذكريات اليوم، ومر وجه سهام بينها كما مر كل وجه رآه، وبدلا من أن يغلق النوم أجفانه بعد أن آب من رحلة الذكريات، وجد عينيه مفتحتين لا تريدان النوم، ووجد صورة سهام تعود وحدها لتحتل فراغ ذهنه.
وعبثا حاول أن يطرد هذه الصورة، ورمى ببصره إلى جواره، حيث ترقد زوجته، فراعه أن يتخيل مكان عينيها المغمضتين، عيني سهام تنظران إليه نظراتهما العميقة الهادئة.
وأجفل فزعا للفكرة المروعة، وشد بيده أطراف الغطاء ودفن وجهه في الظلام، وظل يكافح يقظته حتى انتصر ... وعندما أصبح الصباح بدا له ما حدث في المساء كأنه آثار حلم قديم، ولشد ما خابت ظنونه حين وجد نفسه، وقد تقدم النهار جالسا إلى مكتبه، وقد نحى أوراقه وترك عمله، واعتمد رأسه بإحدى يديه وأخذ ينفث سحائب الدخان، ويفكر في سهام.
وغالط نفسه، لكن عبثا كانت مغالطته أن النظرات العميقة ما زالت تنفذ إلى شغاف قلبه، وما يزال يراها في كل شيء. حتى في عيني زوجته، وهو يقبلها عندما آب عند الظهر إلى داره.
وعاش في هذا الجحيم أياما، رأى سهام خلالها أكثر من مرة، وفي كل مرة كانت تجذبه عيناها، وكان يقاوم هذا الجذب حتى تخور قواه، فيستسلم صاغرا، وطالما تكررت مقاومته وتكرر استسلامه.
وسافرت سهام مع زوجها في نهاية العطلة، واستطاعت الأيام التالية أن تنسيه ذلك الحادث في حياته إلى حين لم يطل؛ فقد نقل زوج سهام إلى القاهرة.
وبدأ مع نفسه صراعا جديدا دام عدة شهور، لكنه سرعان ما تبين أنه مغلوب على أمره، وأن هاتين العينين قد وصلتا من قلبه إلى مكان لم تصله عين من قبل، وأنه من المستحيل عليه أن يمحو هذه العاطفة ...
ورأى سهام عشرات المرات، رآها مع زوجها ورآها وحدها حين كانت تشاركه وزوجته سهراتهما، وفي كل مرة كان يئوب بعاطفته الفائرة وعقله المضطرب، فيقضي الساعات معذبا بصراعها.
كانت عواطفه تأبى الخضوع لعقله القلق الذي كان يلح في إنكارها ولا يرضى عنها، كان يرى فيها جرحا لذلك الرباط المقدس الذي أحبه وارتاح له، وجاء عقله لعواطفه ذات يوم بحل ترضاه، وكان قد أعياه الصراع فلجأ إلى الحيلة. كان يعرف أن للزمن مفعولا ساحرا في العواطف، وكان كل ما يخشاه أن تتعجل عواطفه الأيام فتظهر ذات يوم؛ لذلك هادنها ودعاها إلى الهدوء والانزواء، وترك للزمن أن يعفي عليها، واستطاع ذات يوم أن يمضي بعاطفته وحياته الزوجية جنبا إلى جنب، وآوى حبه الجديد إلى هامش حياته قانعا بمكانه.
Halaman tidak diketahui