ثم قال البخاري في روايته عن أنس: فجعلت أنظر يمينا وشمالا، فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل كان إذا لاح يدعى إلى غير أبيه فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال:
«أبوك حذافة»، ثم أنشأ عمر فقال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، نعوذ بالله من سوء الفتن، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): «ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط، إنه عرضت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط».
وفي رواية مسلم: «لم أر كاليوم قط في الخير والشر، إني صورت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط».
وأورده البخاري أيضا في باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، ولفظه فيه عن أنس ابن مالك قال: صلى بنا النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم رقي المنبر فأشار بيده قبل قبلة المسجد، ثم قال:
«لقد رأيت الآن منذ صليت لكم الجنة والنار ممثلتين في قبلة هذا الجدار، فلم أر كاليوم في الخير والشر ثلاثا».
وفي لفظ لمسلم في الفضائل عن أنس بن مالك: بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أصحابه شيء فخطب فقال: «عرضت علي الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» الحديث.
وقد ذكره السيوطي في جامعه الصغير من عنده، فقال شارحه المناوي في «فيض القدير» ما نصه: (1)
وقد تجلى له (صلى الله عليه وسلم) الكون كله، وزويت له الأرض بأسرها، فأري مشارق الأرض ومغاربها، وكل ذلك عند اندراج المسافات في حقه انتهى.
قلت: وقوله: (في عرض هذا الحائط) العرض بضم العين: الجانب.
وقيل: الوسط.
وقيل: الجهة.
Halaman 129