فنقر على المكتب قائلا: هذا شيء آخر. على كل حال الحاج أمين مخطئ، ولكنه رجل طيب، وكان يجب عليه أن يبدأ بكتابة المحضر بغير دخول في مناقشات لا فائدة منها، ولا ضرورة لها، على كل حال لا حاجة إلى تكبير هذه المسائل الصغيرة.
فصحت: أية مسائل صغيرة؟
فقال: هذا موضوع آخر نعود إليه فيما بعد، هل أنت سيد أفندي زهير.
فدهشت وكدت أعود إلى غضبي، ولكني قلت في استنكار: نعم أنا سيد زهير.
فقال: هناك بعض أسئلة صغيرة وإن كانت خطيرة، نعم هي أسئلة صغيرة يجب أن تستوفي الإجابة عليها أولا ...
ولكن التليفون قطع حديثه مرة أخرى، فاستند على كرسيه، وأخذ يتحدث متبسطا كما فعل في المرة السابقة، وبدأت أحدث نفسي في أثناء ذلك عما أصابني من الدفع والجر وعن الجحر الأسود المظلم، وقلت في نفسي غاضبا هل يريد هذا الشاب أن يترك كل هذا بمثل هذه السهولة ويسمي كل ما وقع لي «مسائل صغيرة»؟
ولما فرغ من حديثه قلت له في غضب مكتوم: أحب أن أعرف معنى كل هذا، لم دعيت إلى هنا؟ وماذا تريد أن تفعل لتقتص لي من هذا الجندي الفظ؟ أنا فرد من الشعب، أنا الشعب إذا شئت، فهل تهدر كرامتي هكذا، وألقى في السجن مثل كل عقور ثم يقال لي: «هذه مسائل صغيرة؟»
فقال الضابط مبتسما: حصل خير يا سيد أفندي. قل لي أولا هل خطبت في مسجد التوبة؟
فقلت في دهشة: وما علاقة هذا بموضوعنا؟
فقال في هدوء: هذا هو موضوعنا، هنا شكوى لا يمكنني أن أسكت عنها، كنت أتمنى أن تمر هذه الانتخابات بسلام، ولكن ماذا أصنع في هذه الشكوى؟
Halaman tidak diketahui