قالت: فأقبل الشيخ أسمع لأسنانه اصطكاكا ولركبته ارتعادا قد ألقى عكازته من يده وهو يبكي، ويقول: يا حليمة إن لابنك ربا لا يضيعه فاطلبيه على مهل.
قالت: فخفت أن يبلغ الخبر عبد المطلب قبلي فقصدت قصده، فلما نظر إلي قال: أسعد نزل بك أم نحوس ؟.
قالت: قلت: لا بل النحس الأكبر، ففهمها مني، وقال: لعل ابنك ضل عنك.
قالت: قلت: نعم، فظن أن بعض قريش قد اغتالوه فقتلوه، فسل عبد المطلب سيفه لا يثبت له أحد من شدة غضبه، فنادى بأعلى صوته: يا آل غالب، فكانت دعوتهم في الجاهلية، فأجابته قريش بأجمعها.
فقالوا: وما قصتك؟ فقال: فقد محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ابني.
قالت قريش: اركب نركب معك، فإن تسنمت جبلا تسنمنا معك وإن خضت بحرا خضنا معك.
قال: فركب وركبت قريش فأخذوا على مكة فحدرعلى أسفلها، فلما أن لم ير شيئا نزل الناس واتشح عبد المطلب بثوب، وارتدى بآخر، وأقبل إلى البيت الحرام فطاف أسبوعا، ثم أنشأ يقول: يا رب رد راكبي محمدا يا رب فاردد واتخذ عندي يدا فسمعنا مناديا ينادي من جو الهوى: معاشر الناس لا تحزنوا، فإن لمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- ربا لا يخذله ولا يضيعه.
Halaman 76