فلما كان في الليلة الثالثة انتبهت في بعض الليل لأقضي حاجة وأصلح شيئا من شأني فإذا أنا برجل عليه ثياب خضر تتلمع نورا قاعدا عند رأسه يقبل بين عينيه، قالت: فأنبهت صاحبي رويدا وقلت له: انظر إلى العجب العجيب، قال: اسكتي واكتمي شأنك فهذه ليلة ولد هذا الغلام قد أصبحت أخبار الدنيا قياما على أقدامها، لايهنها عيش النهار ولا نوم الليل وما رجع أحد في هذه البلاد أغنى منك، قالت: فلما أن كان في اليوم الثالث ودع الناس بعضهم بعضا وودعته أمه آمنة، ثم ركبت أتاني وحملت النبي عليه السلام بين يدي، قالت: فكنت أنظر إلى الأتان فسجد ثلاث سجدات نحو الكعبة وترفع رأسها إلى السماء، ثم مرت حتى سبقت دواب القوم ورجالهم فكان النساء يعجبن مني، وينادوني من ورائي: يا حليمة بنت ذؤيب، أليس هذه أتانك التي ركبتيها وأنت جائية من البلاد معنا فكانت ترفعك طورا وتضعك أخرى؟، فتقول: بلى إنها لهي هي؛ فيعجبن مني، ويقلن: إن لها لشأنا عظيما، قالت: فكنت أسمع أتاني ينطق ويقول: إي والله إن لي لشأنا ثم شأنا بعثني الله بعد موتي ورد علي سمني بعد هزالي، ويحكن يا نساء بني سعد إنكن لفي غفلة عني أتدرون من علي ؟ علي خاتم النبيين وسيد المرسلين، وخير جبلة الأولين والآخرين، وحبيب رب العالمين، قالت: ومرت حتى سبقت دوابهم ورحالهم، فلم أكن أنزل من منازل بني سعد إلا أنبت الله فيه عشبا وخيرا كثيرا.
Halaman 68