دونَ هشام وهو عالٍ أمرُهُ ... لو لم يسعني حِلمُهُ وكثرُهُ
عن الدَّنيَّات التي تعرُّهُ ... لغال نفسي بالسعاة شرُّهُ
وفيه يقول أبو النجم " من السريع ":
شكرت لقاسمٍ إحسانه ... شكر أيادٍ غير مَنَّانِ
لو لم يكن حرًا لما نالني ... منه بمعروفٍ وإحسانِ
لكنَّ عجلًا لهم رتبةٌ ... تقضي على أيام مروانِ
" ابن الحصني "
أخبرني الصُّولي، قال: حدثني يموت بن المزرَّع. قال: كان لمحمد ابن الحسن الحصني ابن، فقال له: إني قد قلت شعرًا؛ وكان الحصني سيدًا ظريفًا، قال: أنشدنيه يا بُني لئلاَّ يلعب بك شيطان الشعر. قال: فإن أجدتُ أتهب لي جارية أو غلامًا؟ قال: أجمعهما لك. فأنشده " من مجزوء الكامل ":
إنَّ الدِّيارَ بِمَيَّفَا ... هيَّجنَ حُزنًا قد عفا
أبكَينني لشقاوتي ... وجعلنَ رأسي كالقفا
فقال: يا بُني والله ما تستأهل بهذا جارية ولا غلامًا، ولكن أُمُّك طالق مني ثلاثًا إذا ولدت مثلك!
" ليلى الأخيليَّة "
أنبأنا أبو الفرج الخطيب، عن أبي طاهر المشرف بن علي بن الخضر المصري، أنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن النحاس، قال: قرئ على أبي محمد الحسن بن رشيق، أنا أبو بكر يموت بن المزرَّع، نا أبو مسلم عبد الله بن مسلم، حدثني أبي، قال: كنتُ في مجلس ضمَّ على أشراف من أشراف العرب، فتذاكروا الخنساء وليلى الأخيليَّة، ثم أجمعوا عن أن الخيليَّة أفصحهما، فشهدوا كلاَّ للأخيليَّة بالفصاحة، وأنشد بعضهم مستعجبًا من فصاحتها، للأخيلية، " من الكامل ":
يا أيها السَّدم الملوِّي رأسهُ ... لينال من أهل الحجاز بريما
لينالَ عمرو بن الخليع ودونه ... كعبٌ إذًا لوجدته مرؤوما
إن الخليعَ ورهطه من عامرٍ ... كالقلب أُلبِس جؤجؤًا وحَزيما
لا تقربنَّ الدَّهرَ آل مطرِّفٍ ... إن ظالمًا أبدًا وإن مظلوما
إن سالموك فدعهُم من هذهِ ... وأرقدْ كفى لكَ بالرقاد نعيما
هبلتك أمك لو وردت بلادهم ... لَقِيَت بكارتك الحقاقُ قروما
وترى رباط الخيلِ وسْط بيوتهم ... وأسنَّةً زُرقًا يُخلنَ نجوما
ومُشققًا عنه القميصُ تخالُهُ ... بين البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا برز اللواء رأيتهُ ... تحت اللواءِ على الخميس زعيما
لا ينبغي لك أن تبدِّل عزَّهم ... حتى تبدِّل ذا الضِّباب يسوما
حدثني أبو عبد الله الحكيمي، قال: حدثني يموت بن المزرَّع، قال: حدثنا رُفيع بن سلمة، قال: حدثني أبو عبيدة، قال: دخلت ليلى الأخيلية على الحجَّاج فأنشدته " من الطويل ":
فنعم فتى الدُّنيا لئن كان فاجرًا ... وفوقَ الفتى إن كان ليس بفاجرِ
فتىً هو أحيا من فتاةٍ حييَّةٍ ... وأشجعُ من ليثٍ بخفَّانَ خادرِ
فتىً فيه فِتيانيَّةٌ أريحيَّةٌ ... بقيَّةُ أعرابيَّةٍ من مُهاجرِ
فقال فتى من جلساء الحجّاج: والله أيها الأمير، ما كان في توبة عُشَير ما تقول ليلى.
فقالت ليلى: والله أيها الأمير، لو رأى هذا توبة لتمنَّى ألاَّ تبقى في داره بكرُ إلاَّ حملت منه.
" امرأة "
حدَّثت يموت بن المزرَّع: أن امرأة من العرب كانت أمها فارسية، وكان بنو عمها كثيرًا ما يعيبونها بأمِّها، فلمَّا كثُر ذلك عليها، أنشأت تقول " من البسيط ":
من آل فارسَ أخوالي أساورةٌ ... هم الملوكُ وقومي سادةُ العربِ
وجدَّتي تلبسُ الدِّيباجَ مِلحفةً ... من الفِرنِد ولم تقعد على قَتَبِ
ولم تكبَّ على الأبرادِ تنسجها ... معذَ ربي ولم تشرب من العُلَبِ
فقيل لها: أوجعك قومك! فقالت: هم والله اشدُّ إيجاعًا، وما قصدتُ إلاَّ دفع شرِّهم.
" جارية "
1 / 10