والإنسان بعد قرين الزمن وليس بقرين الآزال والآباد، ولا بد لقرين الزمن من عوارض ومن غير، ولا بد في هذه العوارض والغير من فوارق بين الأحوال وفوارق بين الآحاد وفوارق بين الجماعات، وإلا كانت أبدية إلهية لا يطرأ عليها اختلاف.
وهذه الفوارق هي ما نشكوه ونقترح غيره، فغاية ما يقال في هذا الاقتراح أنه يقبل المراجعة والمناقضة وليس بالحكم الأخير في أسرار هذه الأكوان.
ونحسب أننا نظلم نصيب الحس إذا قلنا إن مسألة الإيمان مسألة عقل ومسألة «وعي» ليس للحس فيها من نصيب.
فنحن نستطيع أن نرى بأعيننا أن الإيمان ظاهرة طبيعية في هذه الحياة؛ لأن الإنسان غير المؤمن إنسان «غير طبيعي» فيما نحسه من حيرته واضطرابه ويأسه وانعزاله عن الكون الذي يعيش فيه، فهو الشذوذ وليس هو القاعدة في الحياة الإنسانية في الظواهر الطبيعية، ومن أعجب العجب أن يقال إن الإنسان خلق في هذا الكون ليستقر على إيمان من الوهم المحض، أو يسلب القرار.
وليست حجة للمنكر أن يقول إن الإنكار ممكن في العقول ، بل حجة للمؤمن أن يقول إن حال المنكر ليست بأحسن الأحوال، وإنه إذا أنكر عن اضطرار تبين لنا على الفور أنه في حال «غير الحال الطبيعي» الذي يستقيم عليه وجود الأحياء.
وخاتمة المطاف أن الحس والعقل والوعي والبديهة جميعا تستقيم على سواء الخلق حين تستقيم على الإيمان بالذات الإلهية، وأن هذا الإيمان الرشيد هو خير تفسير لسر الخليقة يعقله المؤمن ويدين به المفكر ويتطلبه الطبع السليم.
Halaman tidak diketahui