الإعجاز العلمي إلى أين
الإعجاز العلمي إلى أين
Penerbit
دار ابن الجوزي
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
١٤٣٣ هـ
Genre-genre
يجد أنَّه يتوجه إلى القول دون ما سواه من المضمون، ثمَّ جاء الردُّ عليهم بأن يأتوا بحديث مثله في النظم والبيان دون غيره من المعاني المنسوبة للإعجاز.
وقد نفى الله تعالى عنه في غير ما موضع أن يكون من قول أحدٍ من البشر، فقال تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ *ولاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الحاقة: ٤١ - ٤٢]، وقال تعالى: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [التكوير: ٢٥].
كما يدلُّ عليه حال العرب الذين نزل عليهم القرآن، فقد تحيَّروا في وصفه لأجل ردِّه، وليس لأنهم لم يقفوا على كنهه، فهم مقرُّون بأنه ليس من جنس كلام البشر، وإن لم ينطقوا بهذا، فلما أرادوا أن يتفقوا على كلمة في القول الذي جاء به محمد ﷺ = قالوا: كاهن، أو شاعر، أو ساحر، أو مجنون، وقال الوليد بن المغيرة واصفًا للقرآن: «والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فَرْعَه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عُرِف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: ساحر؛ جاء بقول يفرق بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين المرء وعشيرته» (١).
فهذا البيان من الوليد يُشعِرك بأنهم كانوا يدركون سرَّ هذا التحدي الذي ألزمهم الله به، ولم يستطيعوا أن يجابهوه، فراحوا يتلمسون له شبيهًا يطلقونه عليه لأجل أن لا يؤمن به أحد من العرب إذا سمعه، ولعلك على خُبْرٍ من خبر الطفيل بن عمرو الدوسي (٢)، فلما سمع القرآن
(١) ينظر: الدر المنثور (٥: ٩٨).
(٢) قال ابن كثير: «... فذكر قصة الطفيل بن عمرو الدوسي مرسلة.
وكان سيدًا مطاعًا شريفًا في دوس، وكان قد قدم مكة فاجتمع به أشراف قريش وحذروه من رسول الله ونهوه أن يجتمع به أو يسمع كلامه.
قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئًا ولا أكلمه، حتى حشوت =
1 / 50