Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
49

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Penerbit

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٣هـ

Lokasi Penerbit

المملكة العربية السعودية

Genre-genre

فحلم عنه مع أذاه له، ودعا له، واستغفر (١). ولهذا قال تعالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٤] (٢). . وهكذا جميع الأنبياء والمرسلين، كانوا من أعظم الناس حلمًا مع أقوامهم في دعوتهم إلى الله - تعالى - (٣). . ومن وراء الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، يأتي الدعاة إلى الله والصالحون من أتباعهم، وإذا كان الله ﷿ قد جعل محمدًا ﷺ مثلًا عاليًا في الحلم، فقد أراد لأتباعه أن يسيروا على نهجه وسنته، ولذلك يقول - تعالى - عن الأخيار من هؤلاء. ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: ٦٣] (٤). . فمن صفاتهم أنهم أصحاب حلم، فإذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يقابلوهم عليه بمثله، بل يعفون ويصفحون، ولا يقولون إلا خيرًا، كما كان رسول الله ﷺ لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا (٥). . فعن النعمان بن مقرن المزني، قال: «قال رسول الله ﷺ وسبّ رجل رجلًا عنده، فجعل المسبُوبُ يقول: عليك السلام، فقال رسول الله ﷺ: " أما إن ملكًا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا، قال له: بل أنت وأنت أحق به، وإذا قال له: عليك السلام، قال. بل لك، أنت أحق به» (٦). . فهؤلاء الدعاة إلى الله والصالحون إذا خاطبهم الجاهلون قالوا صوابًا

(١) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ٣٩٦، والبغوي ٢/ ٣٣٢، والأخلاق الإسلامية للميداني ٢/ ٣٣٢. (٢) سورة التوبة، الآية ١١٤. (٣) انظر: تفسير ابن كثير ٢/ ١١٤، وموسوعة أخلاق القرآن للشرباصي ١/ ١٨٥. (٤) سورة الفرقان، الآية ٦٣. (٥) انظر: البداية والنهاية لابن كثير ٢/ ٣١٠، والإصابة في تمييز الصحابة ١/ ٥٥٦، ومجمع الزوائد ٨/ ٢٤٠. (٦) رواه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٤٤٥، وقال ابن كثير في تفسيره: إسناده حسن ٣/ ٣٢٦.

1 / 61