من وراء حِجاب، والهَوى مُفتّح الأبواب ممدَّد الأطناب؛ ولذلك قال أيضًا بعض العرب، ويُقال هو عامر بن الظَّرِب: الرأيُ نائمٌ والهَوى يَقظان، فأرقِدوا الهوى بفظاظة، وأيقظوا الرأي بلطافة.
وقال الشاعر:
كم من أسير في يَدَي شَهواتِهِ ... طفِر الهَوى منهُ بحَزْم ضائِع
وقال أعرابي: لم أرَ كالعقل صديقًا معقُوقًا، ولا كالهوى عدوًّا معشوقًا؛ ومن وفَّقه الله للخير جعل هواه مقْموعًا، ورأيه مرفوعًا.
وإذا كان الهوى - أبقاك الله - على ما وَصَفنا، وعلى وراء ما وصفنا مما لا نُحيط به وإن أطلنا، فمتى يخلو المادح - إذا مدح - من بعض الإفراط تقرُّبًا إلى مأموله، وخِلابةً لعقله، واستدرارًا لكرمه، وبَعْثًا على تنويله وتخويله؛ وهذه حال مصحوبة في الممدوح إذا كان أيضًا غائبًا أو ميتًا؟ أو متى يسلَم الذامُّ - إذا ذمّ - من بعض
1 / 18