والشاعر قد فرغ من هذا المعنى وسيّره في قريضه المشهور المتداول حيث يقول:
وعينُ الرّضَا عن كل عيب كليلةٌ ... ولكنّ عينَ السُخط تُبدِي المساويا
على أن هذا الشاعر قد أثبت العيب وإن كان قد وصفه بكلول العين عنه، ودلّ على المَساوي وإن كان السُّخط مُبديها، وهذا لأنّ الهَوى مُقيم لابثٌ والرأي مجتاز عارض، ولا بدّ للهوى من أن يعمل عمله، ويبلغ مبلغه، وله قرار لا يطمئن دونه، وحدّ هو أبدًا يتعدّاه ويتجاوزه، وله غُول تُضِلّ، وتمساحُ يبتلع، وثعبان - إذا نفخ - لا يُبقي ولا يذر، والرأي عنده غريب خامل، وناصحٌ مجهول.
وقال بعض الحكماء: فضل ما بين الرأي والهوى أن الهوَى يخُصُّ والرأي يعمّ، والهَوى في حيّز العاجل، والرأي في حيِّز الآجل، والرأي يبقى على الدّهر، والهَوى سريع البيُود كالزّهر، والرأي
1 / 17