قال الشافعي ﵀: قال الله تبارك تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)﴾ [آل عمران]. قال الشافعيُّ ﵀: فَإذَا كان مَن مَع رَسولِ اللهِ ﷺ نَاسَ (^١) غَيرِ مَن جَمَعَ لهُم مِنَ النَّاس، وكان المُخبِرُونَ لهم نَاسَ غَيْرِ مَن جُمِعَ لَهُم، وغيرَ مَن مَعَهُ مِمَّن جُمِعَ عَليْه مَعَهُ، وكان الجامِعُونَ لَهُم نَاسًا = فالدلالة بَيِّنَةٌ لِمَا وَصَفْتُ مِن أَنَّهُ إنما جَمَع لَهُم بَعضُ النَّاسِ دونَ بَعْضٍ، والعِلْمُ يُحِيط: أَنْ لَمْ يَجْمَعْ لَهُم النَّاسُ كُلُّهم، ولم يُخْبرْهُم النَّاسُ كُلُّهُم، ولم يَكُونُوا هُم النَّاسَ كُلَّهُم.
ولكنه لَمَّا كان اسمُ النَّاسِ يَقَعُ على ثَلاثَةِ نَفَر، وعلى جَميع النَّاس، وعلى مَنْ بَيْن جَمِيعِهِم، وثَلاثَةٍ مِنهُم = كان صحيحًا في لِسَان العَرب، أن يُقالَ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾.
قال: وإنما كان (^٢) الذين قالوا لهم ذلك أَربعَةُ نَفَرٍ ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾، يَعْنُونَ المُنْصَرِفِينَ مِن أُحُدٍ، وإنَّما هُم جَمَاعة غَيرُ كَثيرٍ (^٣) مِن الناس، الجَامِعُونَ مِنهُم غَيرُ المَجْمُوعِ لَهُم، والمُخْبرُونَ للمِجْمُوع لَهُم غَيرُ الطَّائِفَتَيْن، والأَكثَرُ مِنَ النَّاس في بُلدَانهم غيرُ الجَامِعين والمَجْمُوعِ لَهُم ولا
_________
(^١) كذا في «م»، و«د»، و«ط»، و«الرسالة» بغير ألف وفي المرة التي تليها، وربما كان تفسير ذلك أن (ناسًا) أضيفت إلى (غير) في الموضعين الأوليين، وهذا يفسر كتابة (ناسًا) الثالثة بألف؛ لأنه ليس بعدها شيء تضاف إليه. أفدته من حاشية د. رفعت فوزي عبد المطلب، على تحقيقه «للرسالة».
(^٢) كلمة (كان) ليست في «م».
(^٣) في «د»، و«ط»: (كثيرين). والمثبت من «م»، و«الرسالة».
1 / 70