فَأمَّا (^١) العُمومُ منها: ففي قول الله ﷿: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: ١٣]. فَكلُّ نَفْسٍ خُوطِبَ بهذا في زمان رسولِ الله ﷺ وقَبْلَه وبَعْدَه مَخْلُوقةٌ مِن ذَكَرٍ وأُنْثَى، وكُلُّها شُعوبٌ وقَبَائِلُ.
والخَاصُّ منها: في قول الله ﷿: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣]؛ لأن التقوى إنما تكونُ على مَن عَقَلها وكان مِن أهلِها مِن البَالِغين مِن بَنِي آدمَ، دونَ المخلوقين مِن الدَّوابِّ سواهم، ودون المَغْلُوبِ (^٢) على عُقُولِهِم منهم، والأطفالِ الذين لم يَبْلُغوا عَقْلَ التَّقْوى منهم، فلا يَجُوزُ أَن يُوصَفَ بالتَّقْوى وخِلافِها إلا مَنْ عَقَلَها وكان مِن أهلها، أو خالفها فكان من غير أهلها.
وفي السُّنَّة دلالَة عليه، قال رسول الله ﷺ: «رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلَاثَةٍ، النَّائِمِ حتى يَسْتَيْقِظَ، والصَّبِيِّ حتى يَبْلُغَ، والمَجْنُونِ حتى يُفِيقَ» (^٣).
قال الشَّافِعيُّ ﵀: وهكذا التنزيلُ في الصَّوم والصَّلاة، على البالِغينَ العَاقِلين دونَ مَن لَم يَبلُغ، ومَن بَلَغ (^٤) مِمَّن غُلِبَ عَلى عَقْلِه، ودونَ الحُيَّضِ في أَيامِ حَيْضِهِنَّ.
_________
(^١) كلمة (فأما) ليست في «م».
(^٢) كذا، وفي «الرسالة» (المغلوبين).
(^٣) أخرجه أبو داود (٤٤٠٣)، والترمذي (١٤٢٣)، وابن ماجه (٢٠٤٢)، وأحمد (٩٤٠)، وغيرهم من حديث علي بن أبي طالب ﵁، وصححه جماعة من أهل العلم، وقال الترمذي: «والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم». وله شاهد من حديث عائشة، أخرجه أبو داود (٤٣٩٨)، وابن ماجه (٢٠٤١)، والنسائي (٣٤٣٢)، وأحمد (٢٤٦٩٤)، وسنده جيد.
(^٤) قوله: (ومن بلغ) سقط من «د»، و«ط». والمثبت من «م»، و«الرسالة».
1 / 69