133

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Penerbit

دار الكتب العلمية

Nombor Edisi

الثالثة

Tahun Penerbitan

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

لِأَكْثَرِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِأَنَّ الصَّوْمَ عِنْدَهُمَا مِنْ شَرْطِهِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَاطَبَ الصَّائِمِينَ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ فِي الْوَجْهَيْنِ: أَمَّا اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ فِيهِ بِخِطَابِهِ تَعَالَى لِمَنْ صَامَ فَلَا يَلْزَمُ بِظَاهِرِهِ وَلَا بَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهَا حَالٌ وَاقِعَةٌ لَا مُشْتَرَطَةٌ. وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ مِنْ شَرْطِهِ فَضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَكُونُ مُقَدَّرَةً بِشَرْطِهَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ، وَتَنْقَضِي الصَّلَاةُ وَتَبْقَى الطَّهَارَةُ، وَقَدْ حَقَّقْنَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ دَلِيلَ وُجُوبِ الصَّوْمِ فِيهِ، وَيُغْنِي الْآنَ لَكُمْ عَنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِعُمَرَ: اعْتَكِفْ وَصُمْ». وَكَانَ شَيْخُنَا فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الشَّاشِيُّ إذَا دَخَلْنَا مَعَهُ مَسْجِدًا بِمَدِينَةِ السَّلَامِ لِإِقَامَةِ سَاعَةٍ يَقُولُ: انْوُوا الِاعْتِكَافَ تَرْبَحُوهُ. وَعَوَّلَ مَالِكٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ اسْمٌ لُغَوِيٌّ شَرْعِيٌّ، فَجَاءَ الشَّرْعُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ ﵁ بِتَقْدِيرِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَكَانَ ذَلِكَ أَقَلَّهُ، وَجَاءَ فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ بِاعْتِكَافِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَكَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَبَّ فِيهِ. [مَسْأَلَةٌ الِاعْتِكَافِ فِي أَكْثَر مِنْ مَسْجِدٍ فِي رَمَضَان وَاحِد] الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]: مَذْهَبُ مَالِكٍ الصَّرِيحُ الَّذِي لَا مَذْهَبَ لَهُ سِوَاهُ جَوَازُ الِاعْتِكَافِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فَعَمَّ الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا؛ لَكِنَّهُ

1 / 135